وكانت قيس عيلان تقول: لبيك لولا أنّ بَكرًا دونكا، بنو أغيار وهم يلونكا، ببرك الناس ويفخرونكا، ما زال منا عجيجًا يأتونكا. وكانت جُرْهم تقول في إحرامها: لبيك إن جرهمًا عبادك، والناس طرف وهم تِلادك، وهم لعمري عَمَرُوا بلادك، لا يطاق ربنا بعادك (¬١)، وهم الأولون على ميعادك، وهم يُعادون كل مَن يعادك، حتى يقيموا الدين في وادك. وكانت قضاعة تقول: لبيك رب الحل والإحرام، ارحم مقام عبد وآم، أتوك يمشون على الأقدام. وكانت أسد وغطفان تقول في إحرامها بشعر اليمن: لبيك، إليك تعدو قلقًا وضِينُها (¬٢)، معترضًا في بطنها جنينها، مخالفًا دين النصارى دينها. وكانت النساء تَطُفْن بالليل عراة، وقال بعضهم: لا بل نهارًا، تأخذ إحداهن حاشية برد تستر به، وتقول: اليوم يبدو بعضه أو كله، وما بدا منه فلا أُحِلُّه، كم من لبيب عقله يُضِلُّه، وناظر ينظر فما يَمَلُّه، ضخم من الجثم، عظيم ظلُّه. وكانت تلبية آدم - عليه السلام -: لبيك الله لبيك، عبد خلقته بيديك، كرمت فأعطيت، قربت فأدنيت، تباركت وتعاليت، أنت رب البيت. فأنزل الله - عز وجل -: {واجتنبوا قول الزور} (¬٣). (ز)
تفسير الآية:
٥٠٥٨٣ - عن أيمن بن خُرَيْم، قال: قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطيبًا، فقال: «يا أيها الناس، عدَلَت شهادةُ الزور إشراكًا بالله» ثلاثًا. ثم قرأ: {فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور} (¬٤). (١٠/ ٤٨٧)
٥٠٥٨٤ - عن خُرَيْم بن فاتك الأسدي، قال: صلّى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الصبح، فلما انصرف قائمًا قال: «عدَلَت شهادةُ الزور الإشراكَ بالله». ثلاث مرات، ثم تلا
---------------
(¬١) في المصدر: يعادك، بالياء المثناة التحتانية، ولعله خطأ طباعي، والصواب ما أثبتنا.
(¬٢) الوَضِينُ: بِطان منسوج بعضه على بعض يشد به الرحل على البعير، أراد أنها سريعة الحركة، يصفها بالخفة وقلة الثبات كالحزام إذا كان رخوًا. اللسان (وضن).
(¬٣) أخرجه مقاتل بن سليمان في تفسيره ٣/ ١٢٤ - ١٢٦ مرسلًا.
(¬٤) أخرجه أحمد ٢٩/ ١٤٥ (١٧٦٠٣)، ٢٩/ ٥٨٠ (١٨٠٤٤)، ٣١/ ١٩٩ (١٨٩٠٢)، والترمذي ٤/ ٣٤١ - ٣٤٢ (٢٤٥٣)، وابن جرير ١٦/ ٥٣٧.
قال الترمذي: «هذا حديث غريب، إنما نعرفه من حديث سفيان بن زياد، واختلفوا في رواية هذا الحديث عن سفيان بن زياد، ولا نعرف لأيمن بن خريم سماعًا من النبي - صلى الله عليه وسلم -». وقال السيوطي في الحاوي للفتاوي ١/ ٤٢٧: «رواه أحمد في مسنده، والترمذي هكذا، وأيمن مختلف في صحبته، فذكره ابن منده وغيره في الصحابة، وقال العجلي: تابع صالح ثقة ... وله شاهد عن ابن مسعود».