كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 15)
حديثٌ رابعٌ وستُّونَ ليَحْيى بنِ سعيدٍ
مالكٌ (¬١)، عن يحيى بنِ سعيد؛ أنه قال: إنّ الرّجلَ ليُصلِّي الصّلاةَ وما فاتَتْهُ ولَما فاتَهُ من وقْتِها أعظَمُ، أو أفضلُ (¬٢) من أهلِه ومالِه.
وهذا موقوفٌ في الموطّأ، ويستَحيلُ أن يكونَ مثلَهُ رأيًا، فكيف وقد رُوِيَ مرفوعًا بإسنادٍ ليس بالقويِّ.
حدَّثنا أحمدُ بنُ قاسمٌ بنِ عيسى القرئ، قال: حدَّثنا عُبيدُ الله بنُ محمدِ بنِ حبابةَ ببغداد، قال: حدَّثنا عبدُ الله بنُ محمدِ بنِ عبدِ العزيز البغويُّ، قالْ حدَّثني جدِّي، قال: حدَّثنا يعقوبُ بنُ الوليد، عن ابنِ أبي ذئب، عن المَقبُريِّ، عن أبي هُريرة، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنّ أحدَكم ليُصلِّي الصلاةَ وما فاتَهُ من وقتِها أشدُّ عليه من أهلِه ومالِه" (¬٣).
وهذا يدلّ على أنّ أولَ الوقتِ أفضلُ. وكان مالكٌ فيما حكَي ابنُ القاسم عنه لا يُعجِبُه قولُ يحيى بنِ سعيد هذا (¬٤).
قال أبو عُمر: أظنُّ ذلك واللهُ أعلمُ من أجل قوله -صلى الله عليه وسلم-: "ما بين هذين وقتٌ" (¬٥).
---------------
(¬١) الموطّأ ١/ ٤٤ (٢٣).
(¬٢) في الأصل: "وأفضل"، والمثبت من ي ٢، وهو الموافق لما في الموطأ.
(¬٣) سلف بهذا الإسناد للمصنِّف مع تخريجه في أثناء شرح الحديث السادس والعشرين من مرسل زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار.
(¬٤) كما في المدوّنة لسحنون ١/ ١٥٧، ثم نقل عن ابن القاسم توضيح ما نقله عن مالك، قال -يعني ابن القاسم-: "وذلك أنه كان يرى هذا أن الناسَ يُصلُّونَ في الوقت -بعدما يدخُل ويتمكّنُ ويمضي منه بعضُه- الظُّهرَ والعصرَ والعشاءَ والصُّبح. فهكذا رأيته يذهبُ إليه، ولم اجترئ على أن أسأله عن ذلك".
(¬٥) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٣٥ (٣) عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، وهو الحديث السادس والعشرين لزيد بن أسلم، وقد سلف في موضعه.