كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 15)
يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب تسعة أحاديث حديث أول ليحيى بن سعيد
مالكٌ (¬١)، عن يحيى بنِ سعيد، عن سعيدِ بنِ المسيِّب، أنه سمِعَه يقول: لّما صدَر عُمرُ بنُ الخطاب من منًى أناخ بالأبطَح، ثم كوَّم كُومةً بطحاءَ، ثم طَرَح عليها رداءَهُ واستلْقَى، ثم مدَّ يدَيه إلى السماء فقال: اللهمَّ كبِرَتْ سنِّي، وضَعُفَتْ قوَّتي، وانتشرَتْ رَعِيَّتي، فاقبِضْني إليك غيرَ مُضيِّع ولا مُفرِّط. ثم قدِمَ المدينةَ فخطَب الناسَ فقال: أيُّها الناسُ، قد سُنَّت لكمُ السُّنَن، وفُرِضَتْ لكمُ الفَرائض، وتُرِكتُم على الواضِحَة، إلا أن تضِلُّوا بالناس يمينًا وشمالًا. وضرَب بإحدى يدَيْه على الأخرى، ثم قال: إيّاكم أن تَهلِكُوا عن آيةِ الرَّجْم، أن يقولَ قائل: لا نجِدُ حَدَّينِ في كتابِ الله. فقد رجَمَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورجَمْنا (¬٢)، والذي نفسي بيَدِه، لولا أن يقولَ الناس: زاد عُمرُ بنُ الخطاب في كتابِ الله لكَتبتُها: (الشيخُ والشيخةُ فارجُوهما البتَّة). فإنّا قد قرأناها.
قال مالكٌ: قال يحيى بنُ سعيد: قال سعيدُ بنُ المسيِّب: فما انسلخَ ذو الحِجَّة حتى قُتِل عُمرُ رحمه الله.
قال مالكٌ: (الشيخُ والشيخةُ): الثيِّبُ والثيِّبةُ، (فارجُمُوهما البتّة).
قال أبو عُمر: هذا حديثٌ مسندٌ صحيحٌ، والذي يستندُ منه قوله: فقد رَجَمَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وأمّا سماعُ سعيدِ بنِ المسيِّب من عُمرَ بنِ الخطابِ فمُختَلَفٌ فيه؛ فقالت طائفةٌ من أهل العلم: لم يسمَعْ من عُمرَ شيئًا، ولا أدرَكه إدراكَ من يحفَظُ عنه.
---------------
(¬١) الموطّأ ٢/ ٣٨٥ (٢٣٨٣).
(¬٢) في الأصل: "وقد رجمنا"، و"قد" لم ترد في النسخ الأخرى ولا في الموطأ.