كتاب المجموع شرح المهذب (اسم الجزء: 15)

قال المصنف رحمه الله تعالى

باب الرجوع في الوصية يجوز الرجوع في الوصية لانها عطية لم تزل الملك فجاز الرجوع فيها كالهبة قبل القبض، ويجوز الرجوع بالقول والتصرف لانه فسخ عقدا قبل تمامه فجاز بالقول والتصرف كفسخ البيع في مدة الخيار، وفسخ الهبة قبل القبض، وإن قال هو حرام عليه فهو رجوع لانه لا يجوز أن يكون وصية له وهو محرم عليه، فان قال: لوارثي فهو رجوع لانه لا يجوز أن يكون للوارث وللموصى له، وإن قال هو تركتي ففيه وجهان.
أحدهما: أنه رجوع لان التركة للورثة، والثانى: أنه ليس برجوع لان الوصية من جملة التركة.

(فصل)
وإن وصى لرجل بعبد ثم وصى به لاخر لم يكن ذلك رجوعا لامكان أن يكون نسى الاول أو قصد الجمع بينهما، فان قال ما وصيت به لفلان فقد وصيت به لاخر فهو رجوع، ومن أصحابنا من قال: ليس برجوع كالمسألة قبلها والمذهب الاول لانه صرح بالرجوع.

(فصل)
وإن باعه أو وهبه وأقبض أو أعتقه أو كاتبه أو أوصى أن يباع أو يوهب ويقبض أو يعتق أو يكاتب قهو رجوع، لانه صرفه عن الموصى له، وإن عرضه للبيع أو رهنه في دين أو وهبه ولم يقبضه فهو رجوع، لان تعريضه
لزوال الملك صرف عن الموصى له.
ومن أصحابنا من قال: إنه ليس برجوع لانه لم يزل الملك، وليس بشئ، وإن وصى بثلث ماله ثم باع ماله لم يكن ذلك رجوعا لان الوصية بثلث المال عند الموت لا بثلث ما باعه، فإن وصى بعبد ثم دبره - فإن قلنا: ان التدبير عتق بصفة - كان ذلك رجوعا، لانه عرضه لزوال الملك، وإن قلنا: إنه وصية وقلنا في أحد القولين: إن العتق يقدم على سائر الوصايا - كان ذلك رجوعا لانه أقوى من الوصية فأبطلها، وان قلنا: إن العتق كسائر الوصايا ففيه وجهان

الصفحة 499