كتاب المجموع شرح المهذب (اسم الجزء: 15)

أما الوصية إلى المرأة فإنها تصح في قول أكثر أهل العلم، وروى ذلك عن شريح.
وبه قال مالك الثوري والاوزاعي والحسن بن صالح واسحاق وأبو ثور وأصحاب الرأى وأحمد بن حنبل، ولم يجزه عطاء، لانها لا تكون قاضية فلا تكون وصية.
دليلنا أن عمر رضى الله عنه اوصى إلى حفصة، ولانها من أهل الشهادة فاشبهت الرجل، وتخالف القضاء، فان المعتبر له الكمال في الخلقة والاجتهاد
بخلاف الوصية، وتصح الوصية للاعمى في أحد الوجهين لانه من أهل الشهادة وهو قول أحمد وأصحابه، ولم يسلم القائلون بالجواز لمخالفيهم حكمهم، لانه يمكنه التوكيل فيما يحتاج إلى نظر، ثم انه من أهل الشهادة والولاية في النكاح، والولاية على أولاده الصغار، فصحت الوصية إليه كالبصير.
وعلى الوجه الاخر عند أصحابنا انه لا تصح الوصية إليه بناء على انه لا يصح بيعه ولا شراؤه فلا يوجد فيه معنى الولاية، وقد مضى في البيوع وفى السلم وفى غيرهما مزيد بيان.
أما الصبى العاقل فلا تصح الوصيه إليه لانه ليس من أهل الشهادة والاقرار، ولا يصح تصرفه الا بإذن، فلم يكن من أهل الولاية بطريق الاولى، ولانه مولى عليه، فلا يكون واليا كالطفل والمجنون وهو الصحيح من مذهب الحنابلة وليس عندهم نص عن أحمد فيه، وانما رجح أكثرهم مذهبنا في الصبى الا القاضى فقد قال: قياس المذهب صحة الوصية إليه، لان احمد قد نص على صحة وكالته وأما الفاسق فان الوصيه إليه لا تصح في قول مالك والشافعي واحمد.
وفى رواية عن احمد صحة الوصية إليه في رواية ابن منصور عنه وعند الخرقى من الحنابلة إذا كان خائنا ضم إليه أمين وقال ابن قدامه: وهذا يدل على صحة الوصية إليه ويضم الحاكم إليه امينا.
وقال أبو حنيفة تصح الوصية إليه وينفذ تصرفه وعلى الحاكم عزله لانه بالغ عاقل فصحت الوصيه إليه كالعدل، وبهذا يكون على قول أصحاب الحمد عدم جواز إفراده بالوصية.
وعند ابى حنيفة لا يجوز إقراره على الوصيه.
وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

الصفحة 510