كتاب المجموع شرح المهذب (اسم الجزء: 15)

نفسه كلوكيل، فأما اختلاف الوصي والوصى فقد مضى كلامنا فيه في الحجر وفى الوكالة، وبعض صوره في الوديعة، والله تعالى أعلم بالصواب.
قال المصنف رحمه الله:
(فصل)
ولا يلحق الميت مما يفعل عنه بعد موته بغير إذانه إلا دين يقضى عنه أو صدقة يتصدق بها عنه أو دعاء يدعى له، آفأما الدين فالدليل عليه ما روى أن إمرأة من خثعم (سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الحج عن أبيها فأذن لها، فقالت: أينفعه ذلك؟ قال نعم كما لو كان على أبيك دين فقضيته نفعه) وأما الصدقة فالدليل عليها ما روى ابن عباس (أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن أمة توفيت أفينفعها أن أتصدق عنها؟ فقال: فإن لى مخرفا فأشهدك أبى قد تصدقت به عنها) : وأما الدعاء فالدليل عليه قوله عز وجل (والذين جاؤا من بعدهم يقولون: ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان) فأثنى الله عز وجل عليهم بالدعاء لاخوانهم من الموتى، واما ما سوى ذلك من القرب كقراءة القرآن وغيرها فلا يلحق الميت ثوابها.
لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إذا مات الانسان انقطع عنه عَمَلُهُ إلَّا مِنْ ثَلَاثٍ، صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ، أَوْ عِلْمٌ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو له) واختلف أصحابنا فيمن مات وعليه كفارة يمين فأعتق عنه، فمنهم من قال: لا يقع العتق عن الميت بل يكون للعتق لان
العتق غير متحتم على الميت لانه كان يجوز له تركه إلى غيره فلم يقع عنه، كما لو تطوع بالعتق عنه في غير الكفارة، ومنهم من قال: يقع عنه لانه لو أعتق في حياته سقط به الفرض، وبالله التوفيق.
(الشرح) حديث المرأة الخثعمية رواه أصحاب الكتب الستة وأحمد في مسنده عن ابن عباس، وأخرجه أحمد والترمذي وصححه والبيهقي من حديث عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
وعن عبد الله بن الزبير قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ خَثْعَمَ إلَى رَسُولِ الله صلى لله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إنَّ أَبِي أَدْرَكَهُ الْإِسْلَامُ وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ

الصفحة 519