كتاب فتح البيان في مقاصد القرآن (اسم الجزء: 15)

الأرض منقسمة إلى حي وهو الذي ينبت، وإلى ميت وهو الذي لا ينبت.
قال الفراء: إنتصاب أحياء وأمواتاً لوقوع الكفات عليه أي ألم نجعل الأرض كفات أحياء وأموات، فإذا نون نصب ما بعده، وقيل نصباً على الحال من الأرض أي منها كذا ومنها كذا، وقيل هو مصدر نعت به للمبالغة.
(وجعلنا فيها رواسي شامخات) أي جبالاً مرتفعات طوالاً، والرواسي الثوابت، والشامخات الطوال وكل عال فهو شامخ، وقال ابن عباس: جبالاً مشرفات وقيل ثوابت عاليات.
(وأسقيناكم ماء فراتاً) أي عذباً قاله ابن عباس، والفرات الماء العذب يشرب منه ويسقى به، قال مقاتل: وهذا كله أعجب من البعث، روي أن في الأرض من الجنة سيحان وجيحان والفرات والنيل كلها من أنهار الجنة
(ويل يومئذ للمكذبين) بما أنعمنا عليهم من نعمنا التي هذه من جملتها.
(انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون) في الدنيا يقول لهم ذلك خزنة جهنم توبيخاً وتقريعاً أي سيروا إليه من العذاب، وهو عذاب النار.
(انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب) أي إلى ظل من دخان جهنم قد سطع ثم افترق ثلاث فرق يكونون فيه حتى يفرغ من الحساب، وهذا شأن الدخان العظيم إذا ارتفع تشعب شعباً.
قرأ الجمهور انطلقوا في الموضعين على صيغة الأمر على التأكيد، وقرىء بصيغة الماضي في الثاني أي لما أمروا بالإنطلاق امتثلوا ذلك فانطلقوا، وقيل المراد بالظل هنا هو السرادق، وهو لسان من النار تحيط بهم ثم تتشعب ثلاث شعب فتظلهم حتى يفرغ من حسابهم ثم يصيرون إلى النار، وقيل هو الظل من يحموم كما في قوله (فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ (42) وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ) على ما تقدم، وقيل أن الشعب الثلاث هي الضريع والزقوم والغسلين لأنها أوصاف النار.

الصفحة 17