كتاب فتح البيان في مقاصد القرآن (اسم الجزء: 15)

هذه الأيام لوناً من الألوان ".
(ولا يؤذن لهم فيعتذرون) قرأ الجمهور يؤذن على البناء للمفعول، وقرأ زيد بن علي لا يأذن على البناء للفاعل أي لا يأذن الله لهم أي لا يكون لهم إذن من الله فيكون لهم اعتذار من غير أن يجعل الإعتذار مسبباً عن الأذن كما لو نصب، قال الفراء الفاء في (فيعتذرون) نسق على يؤذن وأجيز ذلك لأن أواخر الكلام بالنون ولو قال فيعتذروا لم يوافق الآيات، وقد قال (لا يقضى عليهم فيموتوا) بالنصب والكل صواب
(ويل يومئذ للمكذبين) بما دعتهم إليه الرسل وأنذرتهم عاقبته.
(هذا يوم الفصل جمعناكم والأولين) أي ويقال لهم هذا يوم الفصل الذي يفصل فيه بين الخلائق، ويتميز فيه الحق من الباطل، والخطاب في (جمعناكم) للكفار في زمن نبينا صلى الله عليه وآله وسلم والمراد بالأولين كفار الأمم الماضية.
(فإن كان لكم كيد) أي إن قدرتم على حيلة في دفع العذاب عنكم الآن (فيكيدون) أي فافعلوها، وهذا تقريع لهم وتهكم وتوبيخ قال مقاتل يقول إن كان لكم حيلة فاحتالوا لأنفسكم، وقيل المعنى فإن قدرتم على حرب فحاربون، وقيل إن هذا من قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيكون كقول هود (فكيدوني جميعاً ثم لا تنظرون)
(ويل يومئذ للمكذبين) بالبعث لأنه قد ظهر لهم عجزهم وبطلان ما كانوا عليه في الدنيا.
ثم لما ذكر سبحانه في سورة الدهر أحوال الكفار في الآخرة على سبيل الإختصار وأطنب في أحوال المؤمنين فيها، ذكر في هذه السورة أحوال الكفار على سبيل الإطناب، وأحوال المؤمنين على سبيل الإيجاز فوقع بذلك التعادل بين السورتين فقال
(إن المتقين في ظلال وعيون) أي في ظلال الأشجار وظلال القصور لا كالظل الذي للكفار من الدخان ومن النار كما تقدم، قال المحلي أي تكاثف أشجار، وعبارة الكازروني أي تحت أشجار.

الصفحة 21