كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 15)
الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [سورة النحل آية: 125]
كما أن عليه أن يصبر ويحتسب إذ أوذي في الله، أو أسمع ما يكره، قال تعالى، حاكيا عن لقمان في وصيته لابنه: {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [سورة لقمان آية: 17] . والقائم في هذا الأمر ستكون له العاقبة الطيبة والذكر الجميل، قال تعالى: {وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [سورة الأعراف آية: 128] .
وعلى الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن يقوم بذلك على الغني والفقير، والقريب والبعيد، والشريف والوضيع، ولا يخاف في الله لومة لائم، ففي حديث عائشة رضي الله عنها: "إنما أهلك بنو إسرائيل أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله، لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها" 1
وتحرم الشفاعة لأهل الجرائم، فعن ابن عمر مرفوعا: "من حالت شفاعته دون حد من حدود الله، فقد ضاد الله في أمره" 2. وفي الموطأ: "إذا بلغت الحدود السلطان، فلعن الله الشافع والمشفع" 3، وفي الصحيح من حديث علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لعن الله من آوى محدثا" 4. أعاذنا الله وإياكم من أسباب غضبه وأليم عقابه، وهدانا وإياكم صراطه المستقيم. وصلى الله على نبينا محمد،
__________
1 البخاري: أحاديث الأنبياء (3475) , ومسلم: الحدود (1688) , والترمذي: الحدود (1430) , والنسائي: قطع السارق (4898 ,4899 ,4902 ,4903) , وأبو داود: الحدود (4373) , وابن ماجه: الحدود (2547) , وأحمد (6/162) , والدارمي: الحدود (2302) .
2 أبو داود: الأقضية (3597) , وأحمد (2/70) .
3 مالك: الحدود (1580) .
4 مسلم: الأضاحي (1978) , والنسائي: الضحايا (4422) , وأحمد (1/108 ,1/118 ,1/152) .