كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع (اسم الجزء: 15)

مِنْ حَبٍّ وَثَمَرٍ وَغَيْرِهِمَا، وَلاَ يَحِلُّ نَجِسٌ، كَالْمَيْتَةِ، وَالدَّمِ، وَلاَ مَا فِيهِ مَضَرَّةٌ كَالسُّمِّ وَنَحْوِهِ، ........
قوله: «من حَبٍّ» هذا بيان لقوله: «كل طاهر» والحب مثل: البر، والأرز، والشعير، والعدس، والفول، وما أشبه ذلك.
قوله: «وثمر وغيرهما»: كالتمر، والتين، والعنب، والبرتقال، ونحوها، فتعداد الأنواع قد يصعب ولا نحيط بها، لكن عندنا القاعدة العامة «كل طاهر لا مضرة فيه».
قوله: «ولا يحل نجس كالميتة والدم» ونضيف إليه ثالثاً: الخنزير؛ لقوله تعالى: {قُلْ لاَ أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ}، والاستدلال بهذه الآية أولى من الاستدلال بالآية التي ذكرها صاحب «الروض» (¬1) وهي قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} ... } إلى آخره؛ لأن هذه الآية ليس فيها التصريح بأنها نجسة.
قوله: «ولا ما فيه مضرة» الدليل على تحريم ما فيه مضرة من القرآن والسنة.
فمن القرآن: قال الله تعالى: {وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195]، وقال عزّ وجل: {وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: 29]، والنهي عن قتل النفس نهيٌ عن أسبابه أيضاً، فكل ما يؤدي إلى الضرر فهو حرام، وقال النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ: «لا ضرر ولا ضرار» (¬2)، وربما يستدل له أيضاً بقوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ
¬__________
(¬1) الروض المربع مع حاشية ابن قاسم (7/ 417).
(¬2) أخرجه الإمام أحمد (5/ 326 ـ 327)، وابن ماجه في الأحكام/ باب من بني في حقه ما يضر بجاره (2340) من حديث عبادة بن الصامت ـ رضي الله عنه ـ.
وروي أيضاً من حديث أبي سعيد، وأبي هريرة، وجابر، وابن عباس، وعائشة وغيرهم. قال النووي: «حديث حسن وله طرق يقوى بعضها ببعض» قال ابن رجب تعقيباً على كلام النووي: «وهو كما قال».
قال ابن الصلاح: «هذا الحديث أسنده الدارقطني من وجوه، ومجموعها يقوي الحديث ويحسنه، وقد تقبله جماهير أهل العلم واحتجوا به» انظر: جامع العلوم والحكم (2/ 211).

الصفحة 12