كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع (اسم الجزء: 15)
الحياة كما أن النفس مادة الحياة، فبقطعهما تزول الحياة، فكان قطعهما واجباً.
مسألة: هل يشترط إبانتهما؟ لا يشترط، فلو قطع نصف الحلقوم ثم أدخل السكين من تحته، وقطع نصف المريء حلت الذبيحة؛ لأن قطعهما وإبانتهما ليست بشرط، وهو محل خلاف.
أما حكم قطع الودجين ـ على ما ذهب إليه فقهاؤنا ـ فهو سنة، وليس بشرط لحل الذبيحة، ولمَّا لم يرد في هذا نص صريح اختلف العلماء في هذه المسألة؛ لأن النص الصريح الصحيح الوارد في هذا المقام هو قوله صلّى الله عليه وسلّم: «ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل» (¬1)، وكذلك ما ورد عنه صلّى الله عليه وسلّم ـ وإن كان في سنده مقال ـ: «النحر في الحلق واللبَّة» (¬2)، فالمشهور من المذهب أن الشرط قطع الحلقوم والمريء.
وقيل: إن الشرط قطع الودجين، وإن لم يقطع الحلقوم والمريء، واستدلَّ هؤلاء بقوله صلّى الله عليه وسلّم: «ما أنهر الدم» (¬3)، ولم يقل: ما قطع النفس، أو قطع الطعام، ولا ريب عند كل عارف أنه لا يكون إنهار الدم إلا بقطع الودجين فقط أما الحلقوم والمرئ فمن كمال الذبح، واستدلوا ـ أيضاً ـ بأن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «نهى عن شريطة الشيطان» (¬4)، وهي التي تذبح ولا تُفرى أوداجها، وهذا رواه أبو
¬__________
(¬1) رواه الدارقطني (4/ 283)، والبيهقي (9/ 278) وضعفه، انظر: نصب الراية (2/ 484)، والإرواء (2541).
(¬2) سبق تخريجه ص (55).
(¬3) أخرجه الإمام أحمد (1/ 289) عن ابن عباس رضي الله عنهما، وأخرجه أبو داود في الضحايا/ باب في المبالغة في الذبح (2826)، وابن حبان (5888) إحسان، والحاكم (4/ 113)، وابن عدي (5/ 1794) عن ابن عباس وأبي هريرة ـ رضي الله عنهم ـ، وضعفه ابن عدي وابن القطان في «بيان الوهم والإيهام» (2133).
(¬4) أخرجه البخاري في الجهاد والسير/ باب ما يكره من ذبح الإبل والغنم في المغانم (3075)، ومسلم في الأضاحي/ باب جواز الذبح بكل ما أنهر الدم ... (1968) عن رافع بن خديج رضي الله عنه.