كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع (اسم الجزء: 15)
وَيُكْرَهُ أَنْ يَذْبَحَ بِآلَةٍ كَالَّةٍ. وَأَنْ يَحُدَّهَا وَالْحَيَوَانُ يُبْصِرُهُ، وَأَنْ يُوَجِّهَهُ إِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ، وَأَنْ يَكْسِرَ عُنُقَهُ، أَوْ يَسْلُخَهُ قَبْلَ أَنْ يَبْرُدَ.
وقوله: «ويكره» الكراهة عند الفقهاء ـ رحمهم الله ـ هي التي مَنْ فعلها لا يعاقب، ومن تركها لله أثيب، وعلى هذا فإذا ذبح بالآلة الكالة لم يأثم؛ لأنه مكروه، والدليل قوله صلّى الله عليه وسلّم: «إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته» (¬1)، ولكنا إذا رجعنا إلى الدليل، وجدنا أن ظاهره يقتضي تحريم الذبح بآلة كالة من وجهين:
الوجه الأول: أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم قال: «إن الله كتب الإحسان» والكَتْب بمعنى الفرض؛ لأنه يطلق على الأمر الواقع اللازم، إما شرعاً، وإما قدراً، فلا يأتي الكَتْب في الشيء المستحب. بل يأتي على الشيء اللاّزم.
فقوله تعالى: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} [الأنبياء:105]، وقوله تعالى: {كَتَبَ اللَّهُ لأََغْلِبَنَّ} [المجادلة: 21].
فهذه كتابة قدرية، أما الكتابة الشرعية فمثل قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [البقرة: 183]، و {إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103]، و {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: 45]، و {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} [البقرة: 178] وأمثال ذلك.
وقوله صلّى الله عليه وسلّم: «كتب الله الإحسان على كل شيء» فإذا ارجعنا
¬__________
(¬1) سبق تخريجه ص (55).