كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع (اسم الجزء: 15)
الثاني: أن يصطاد على سبيل اللهو والعبث، وليس بحاجة إلى الأكل، وإذا صاد الصيد تركه، فهذا مكروه، ولو قيل بتحريمه لكان له وجه؛ لأنه عبث، وإضاعة مال، وإضاعة وقت.
الثالث: أن يصطاد على سبيل يؤذي الناس، مثل أن يستلزم صيدُهُ الدخولَ في مزارع الناس، وإيذاءَهم، وربما يكون فيه انتهاك لحرماتهم، كالتطلع إلى نسائهم في أماكنهم، فهذا يكون حراماً؛ لما يستلزمه من الأذية للمسلمين.
هذا بالنسبة للصيد من حيث هو صيد، أما آثار الصيد فإن الصيد يبهج النفس ويسرها، ويعطي الإنسان نشاطاً وحيوية لا يعرفها إلا أهل الصيد، فتجدهم يجدون لذةً، وسروراً، ومتعة، وإن كانوا يتعبون، ويطاردون الطيور، والحيوانات، ويخرجون إليها في الليالي القارسة، والأيام الحارة.
كذلك ـ أيضاً ـ في الصيد مصلحة تعلم الرمي، وتعلم الرمي من الأمور المشروعة، قال الله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال: 60]، قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي» (¬1)، وقال النبي عليه الصلاة والسلام: «ارموا واركبوا، وأن ترموا أحب إلي من أن تركبوا» (¬2).
¬__________
(¬1) أخرجه مسلم في الإمارة /باب فضل الرمي (1917) عن عقبة بن عامر رضي الله عنه.
(¬2) أخرجه أحمد (4/ 144)، والنسائي في الخيل/ باب تأديب الرجل فرسه (6/ 223)، وأبو داود في الجهاد/ باب في الرمي (2513)، والترمذي في فضائل الجهاد/ باب ما جاء في فضل الرمي في سبيل الله (1637)، وابن ماجه في الجهاد/ باب الرمي في سبيل الله (2811)، والدارمي في الجهاد/ باب فضل الرمي والأمر به (2298)، والحاكم (2/ 104) عن عقبة بن عامر رضي الله عنه. قال الترمذي: حديث حسن صحيح، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.