كتاب عمدة القاري شرح صحيح البخاري (اسم الجزء: 15)

أخْزَى مِنْ أبِي الأبْعَدِ فيَقُولُ الله تَعَالى إنِّي حَرَّمْتُ الجَنَّةَ علَى الكَافِرِينَ ثُمَّ يُقالُ يَا إبرَاهِيمُ مَا تَحْتَ رِجْلَيْكَ فيَنْظُرُ فإذَا بذِيخٍ مُلْتَطِخٍ فَيُؤْخَذُ بِقَوَائِمِهُ فيُلْقَى فِي النَّارِ.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي ذكر إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَإِسْمَاعِيل بن عبد الله هُوَ إِسْمَاعِيل بن أبي أويس، وَاسم أبي أويس عبد الله وَأَخُوهُ عبد الحميد بن أبي أويس، يكنى أَبَا بكر الأصبحي الْمَدِينِيّ، وَابْن أبي ذِئْب هُوَ مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي ذِئْب.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي التَّفْسِير عَن إِسْمَاعِيل بن عبد الله.
قَوْله: (قترة) أَي: سَواد الدُّخان، (وغبرة) أَي: غُبَار، وَلَا يرْوى أوحش من اجْتِمَاع الغبرة والسواد فِي الْوَجْه. قَالَ تَعَالَى: {وُجُوه يَوْمئِذٍ عَلَيْهَا غبرة ترهقها قترة} (عبس: 04 14) . وَيُقَال: القترة الظلمَة، وَفسّر ابْن التِّين: القترة بالغبرة، فعلى هَذَا يكون من بَاب الترادف، قَالَ: وَقيل: القترة مَا يغشى الْوَجْه من كرب، وَقَالَ الزّجاج: القترة الغبرة مَعهَا سَواد كالدخان، وَعَن مقَاتل: سَواد وكآبة. قَوْله: (أَن لَا تخزيني) من الإخزاء وثلاثيه: خزاه يخزوه خزواً يَعْنِي: ساسه وقهره، وخزى يخزى من بَاب علم يعلم خزياً بِالْكَسْرِ أَي: ذل وَهَان، وَقَالَ ابْن السّكيت: مَعْنَاهُ وَقع فِي بلية وخزي أَيْضا يخزى خزاية أَي: استحيى فَهُوَ خزيان، وَقوم خزايا وَامْرَأَة خزياء. قَوْله: (الْأَبْعَد) أَي: الْأَبْعَد من رَحْمَة الله، وَإِنَّمَا قَالَ بأفعل التَّفْضِيل لِأَن الْفَاسِق بعيد وَالْكَافِر أبعد، وَقيل: هُوَ بِمَعْنى الباعد أَي: الْهَالِك من بعد بِفَتْح الْعين إِذا هلك، وعَلى الْمَعْنيين الْمُضَاف مَحْذُوف أَي: من خزي أبي الْأَبْعَد. قَوْله: (فَإِذا) كلمة مفاجأة. قَوْله: (بذيخ) ، بِكَسْر الذَّال الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف قَوْله وبالخاء الْمُعْجَمَة: ذكر الضبع الْكثير الشّعْر، وَقَالَ ابْن سَيّده: وَالْجمع أذياخ وذيوخ، وذيخة وَالْجمع ذيخات. قَوْله: (متلطخ) ، صفة الذّبْح أَي متلطخ بالرجيع أَو بالطين أَو بِالدَّمِ، وحملت إِبْرَاهِيم الرأفة على أَن يشفع فِيهِ، فأري لَهُ على خلاف منظره ليتبرأ مِنْهُ، وَفِي رِوَايَة أُخْرَى: يُوجد بحجرة إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، فَانْتزع مِنْهُ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام.

1533 - حدَّثنا يَحْيَى بنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حدَّثني ابنُ وَهْبٍ قَالَ أخْبَرَنِي عَمُرٌ وأنَّ بُكَيْرَاً حدَّثَهُ عنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابنِ عَبَّاسٍ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما قَالَ دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْبَيْتَ وَجَدَ فِيهِ صُورَةَ إبْرَاهِيمَ وصُورَةَ مَرْيَمَ فَقَالَ أمَّا هُمْ فَقَدْ سَمِعُوا أنَّ المَلاَئِكَةَ لاَ تَدْخُلُ بَيْتَاً فِيهِ صُورَةٌ هذَا إبْرَاهِيمُ مُصَوَّرٌ فَمَا لَهُ يَسْتَقْسِمُ. .

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: إِبْرَاهِيم، فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَيحيى بن سُلَيْمَان أَبُو سعيد الْجعْفِيّ الْكُوفِي، نزل مصر وَهُوَ من أَفْرَاد البُخَارِيّ، وَابْن وهب هُوَ عبد الله بن وهب الْمصْرِيّ، وَعَمْرو هُوَ ابْن الْحَارِث الْمصْرِيّ، وَبُكَيْر مصغر بكر ابْن عبد الله بن الْأَشَج.
والْحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ فِي الزِّينَة عَن وهب بن بَيَان، وَقد مضى أَيْضا فِي كتاب الْحَج فِي: بَاب من كبر فِي نواحي الْكَعْبَة فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ من حَدِيث أَيُّوب عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس، وَقد مضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
قَوْله: (الْبَيْت) ، أَي: الْكَعْبَة. قَوْله: (أما) ، بِالتَّشْدِيدِ. قَوْله: (هم) ، أَي: قُرَيْش، وقسيم: إِمَّا، هُوَ قَوْله: هَذَا إِبْرَاهِيم، أَو قسيمه مَحْذُوف نَحْو: وَأما صُورَة مَرْيَم فَكَذَا. قَوْله: (هَذَا إِبْرَاهِيم) ، أَي: هَذَا صُورَة إِبْرَاهِيم قَوْله: (فَمَاله يستقسم؟) إبعاد مِنْهُ فِي حق إِبْرَاهِيم لِأَنَّهُ مَعْصُوم مِنْهُ، والاستقسام طلب معرفَة مَا قسم لَهُ مِمَّا لم يقسم لَهُ بالإزلام، وَهِي القداح، وَقيل: الاستقسام بالأزلام هُوَ الميسر، وقسمتهم الْجَزُور على الْأَنْصِبَاء الْمَعْلُومَة، وَإِنَّمَا حرم ذَلِك لِأَنَّهُ دُخُول فِي علم الْغَيْب. وَفِيه: اعْتِقَاد أَنه طَرِيق إِلَى الْحق. وَفِيه: إفتراء على الله إِذْ لم يَأْمر بذلك.

2533 - حدَّثنا إبْرَاهِيمُ بنُ مُوسَى أخْبرَنَا هِشامٌ عنْ مَعْمَرٍ عنْ أيُّوبَ عنْ عِكْرِمَةَ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما أنَّ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَمَّا رأى الصُّوَرَ فِي البَيْتِ لَمْ يَدْخُلْ حتَّى أمَرَ بِهَا

الصفحة 244