كتاب عمدة القاري شرح صحيح البخاري (اسم الجزء: 15)

عِنْد الْبَيْت، هَكَذَا فِي رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة غَيره: حَتَّى وضعهما. قَوْله: (عِنْد دوحة) ، بِفَتْح الدَّال والحاء الْمُهْمَلَتَيْنِ، وَهِي الشَّجَرَة الْعَظِيمَة. قَوْله: (فَوق زَمْزَم) ، هَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة غَيره: فَوق الزمزم. قَوْله: (وَفِي أَعلَى الْمَسْجِد) ، أَي: فِي أَعلَى مَكَان الْمَسْجِد، لِأَنَّهُ لم يكن حِينَئِذٍ بنى الْمَسْجِد. قَوْله: (جرابا) ، بِكَسْر الْجِيم، وَهُوَ الَّذِي يتَّخذ من الْجلد يوضع فِيهِ الزوادة. قَوْله: (وسقاء) بِالنّصب، عطف على: جراباً، وَهُوَ بِكَسْر السِّين، وَهُوَ قربَة صَغِيرَة، وَفِي رِوَايَة تَأتي: شنة، بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَتَشْديد النُّون، وَهِي الْقرْبَة العتيقة الْيَابِسَة. قَوْله: (ثمَّ قفى) ، بِفَتْح الْقَاف وَتَشْديد الْفَاء من التقفية، وَهِي الْأَعْرَاض، والتولي. وَقَالَ الْهَرَوِيّ: معنى قفَّى ولَّى، يَعْنِي: ولَّى رَاجعا إِلَى الشَّام، وَفِي رِوَايَة إِبْنِ إِسْحَاق: فَانْصَرف إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ السَّلَام، إِلَى أَهله بِالشَّام وَترك إِسْمَاعِيل وَأمه عِنْد الْبَيْت. قَوْله: (مُنْطَلقًا) نصب على الْحَال. قَوْله: (فتبعته أم إِسْمَاعِيل) وَفِي رِوَايَة ابْن إِسْحَاق: (فاتبعته) ، وَفِي رِوَايَة ابْن جريج: (فَأَدْرَكته بِكَذَا) . قَوْله: (إِذن لَا يضيعنا) ، وَفِي رِوَايَة عَطاء: (لن يضيعنا) ، وَفِي رِوَايَة ابْن جريج: (حسبي) ، وَفِي رِوَايَة إِبْرَاهِيم بن نَافِع عَن كثير، فَقَالَت: (رضيت بِاللَّه) . قَوْله: (عِنْد الثَّنية) ، بِفَتْح الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَكسر النُّون وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف، وَهُوَ فِي الْجَبَل كالعقبة، وَقيل: هُوَ الطَّرِيق العالي فِيهِ، وَقيل: أَعلَى المسيل فِي رَأسه. قَوْله: (رب) ، يَعْنِي: يَا رب، ويروى: (رَبِّي) ، بِالْيَاءِ هَكَذَا رِوَايَة الْكشميهني: (رب) ، وَفِي رِوَايَة غَيره: (رَبنَا) ، كَمَا فِي الْقُرْآن، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى: {رَبنَا إِنِّي أسكنت من ذريتي بوادٍ غير ذِي زرع عِنْد بَيْتك الْمحرم رَبنَا ليقيموا الصَّلَاة فَاجْعَلْ أَفْئِدَة من النَّاس تهوى إِلَيْهِم وارزقهم من الثمرات لَعَلَّهُم يشكرون} (إِبْرَاهِيم: 73) . قَوْله: (بواد غير ذِي زرع) ، هُوَ مَكَّة. قَوْله: (الْمحرم) ، وصف الْبَيْت بالمحرم لِأَن الله تَعَالَى حرم التَّعَرُّض لَهُ والتهاون بِهِ، وَلِأَنَّهُ حرم على الطوفان، أَي: منع مِنْهُ. قَوْله: (ليقيموا الصَّلَاة عِنْد بَيْتك الْمحرم) يتَعَلَّق بقوله: أسكنت أَي: مَا أسكنتهم بِهَذَا الْوَادي الْخَلَاء البلقع إلاَّ ليقيموا الصَّلَاة عِنْد بَيْتك الْمحرم. قَوْله: (فَاجْعَلْ أَفْئِدَة من النَّاس) أَي: من أَفْئِدَة النَّاس، وَهِي جمع فؤاد، وَهِي الْقُلُوب، وَقد يعبر عَن الْقلب بالفؤاد، وَقيل: جمع: وُفُود من النَّاس وَلَو قَالَ: أَفْئِدَة للنَّاس، لحجت الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوس، قَالَه سعيد بن جُبَير. قَوْله: (تهوي إِلَيْهِم) ، أَي: تقصدهم وتسكن إِلَيْهِم. قَوْله: (وارزقهم من الثمرات) ، أَي: الَّتِي تكون فِي بِلَاد الرِّيف حَتَّى يُحِبهُمْ النَّاس. فَقبل الله دعاءه، وَأنْبت لَهُم بِالطَّائِف سَائِر الْأَشْجَار لَعَلَّهُم يشكرون النِّعْمَة. قَوْله: (حَتَّى إِذا نفد مَا فِي السقاء) أَي: حَتَّى إِذا فرغ المَاء الَّذِي فِي السقاء. قَوْله: (وعطش ابْنهَا) أَي: إِسْمَاعِيل، بِكَسْر الطَّاء فِي الْمَوْضِعَيْنِ، قيل: كَانَ عمره فِي ذَلِك الْوَقْت سنتَيْن، وَقيل: كَانَ لَبنهَا انْقَطع. قَوْله: (يتلوى) أَي: يتمرغ وينقلب ظهرا لبطن ويميناً وَشمَالًا، واللوى: وجع فِي الْبَطن. قَوْله: (وَقَالَ: يتلبط) بِالْبَاء الْمُوَحدَة قبل الطَّاء الْمُهْملَة أَي: يتمرغ وَيضْرب بِنَفسِهِ الأَرْض، وَقَالَ الدَّاودِيّ: هُوَ أَن يُحَرك لِسَانه وشفتيه كَأَنَّهُ يَمُوت. قَالَ الْخَلِيل: لبط فلَان بفلان الأَرْض إِذا صرعه صرعاً عنيفاً، وَقَالَ ابْن دُرَيْد: اللبط بِالْيَدِ والخبط بِالرجلِ، وَفِي رِوَايَة عَطاء بن السَّائِب، فَلَمَّا ظمأ إِسْمَاعِيل جعل يضْرب الأَرْض بعقبيه، وَفِي رِوَايَة معمر والكشميهني يتلمظ بِالْمِيم والظاء الْمُعْجَمَة. قَوْله: (ثمَّ اسْتقْبلت الْوَادي) ، وَفِي رِوَايَة عَطاء بن السَّائِب، والوادي يَوْمئِذٍ عميق. قَوْله: (تنظر) ، جملَة وَقعت حَالا. قَوْله: (فَهَبَطت) بِفَتْح الْبَاء. قَوْله: (ثمَّ سعت سعي الْإِنْسَان المجهود) ، أَي: الَّذِي أَصَابَهُ الْجهد، وَهُوَ الْأَمر الْمشق. قَوْله: (سبع مَرَّات) ، وَفِي حَدِيث أبي جهم: وَكَانَ ذَلِك أول من سعى بَين الصَّفَا والمروة. قَوْله: (فَقَالَت: صه) ، بِفَتْح الصَّاد الْمُهْملَة وَسُكُون الْهَاء وبكسرها منونة، وَالْمعْنَى: لما سَمِعت الصَّوْت قَالَت لنَفسهَا: صه، أَي: أسكتي. وَفِي رِوَايَة إِبْرَاهِيم بن نَافِع وَابْن جريج: فَقَالَت: أَغِثْنِي إِن كَانَ عنْدك خير. قَوْله: (ثمَّ تسمعت) ، أَي: تكلفت فِي السماع وَاجْتَهَدت فِيهِ، وَهُوَ من بَاب التفعل وَمَعْنَاهُ التَّكَلُّف. قَوْله: (قد أسمعت) بِفَتْح التَّاء من الإسماع. قَوْله: (غواث) ، بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين وَتَخْفِيف الْوَاو وَفِي آخِره ثاء مُثَلّثَة، قيل: وَلَيْسَ فِي الْأَصْوَات: فعال، بِفَتْح أَوله غَيره، وَحكى ابْن الْأَنْبَارِي ضم أَوله، وَحكى ابْن قرقول كسر أَوله أَيْضا، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر الضَّم، وَالْفَتْح للأصيلي، وَضَبطه الدمياطي بِالضَّمِّ، وَضَبطه ابْن التِّين بِالْفَتْح، وعَلى كل حَال هُوَ مُشْتَقّ من الْغَوْث، وَجَزَاء الشَّرْط مَحْذُوف تَقْدِيره: إِن كَانَ عنْدك غواث اغثني. قَوْله: (فَإِذا هِيَ بِالْملكِ) ، كلمة: إِذا، للمفاجأة، وَفِي رِوَايَة إِبْرَاهِيم بن نَافِع وَابْن جريج: فَإِذا جِبْرِيل، وَفِي حَدِيث عَليّ عِنْد الطَّبَرِيّ بِإِسْنَاد حسن: فناداها جِبْرِيل، فَقَالَ: من أَنْت؟ قَالَت: أَنا هَاجر أم ولد إِبْرَاهِيم، قَالَ: فَإلَى من وكلكما؟ قَالَت: إِلَى الله.

الصفحة 256