كتاب عمدة القاري شرح صحيح البخاري (اسم الجزء: 15)

وبعلى. وَيسْتَعْمل: حَيّ، وَحده بِمَعْنى: أقبل، و: هلا، وَحده بِمَعْنى: أسكن. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: معنى قَوْله: إِذا ذكر الصالحون فحي هلا بعمر، أَي: أدع عمر، وَقيل: مَعْنَاهُ: اقْبَلُوا على ذكر عمر، وَقَالَ صَاحب (الْمطَالع) : تَقول: حَيّ على كَذَا، أَي: هَلُمَّ وَأَقْبل، وَيُقَال: حَيّ علا، وَقيل: حَيّ هَلُمَّ، وَقَالَ الدَّاودِيّ، قَوْله: فَحَيَّهَلا بكم، أَي: أَقبلُوا أَهلا بكم أتيتم أهلكم.

1703 - حدَّثنا حِبَّانُ بنُ مُوساى قَالَ أخْبَرَنا عبدُ الله عنْ خَالِد بنَ سَعِيدٍ عنْ أبِيهِ عنْ أُمِّ خالِدٍ بِنْتِ خالِدِ بنِ سعيدٍ قالَتْ أتَيْتُ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَ أبي وعَلَيَّ قَمِيصٌ أصْغَرُ قَالَ رسوُلُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سِنَهْ سَنَهْ قالَ عَبْدُ الله وهْيَ بالحَبَشِيَّةِ حَسَنةٌ قالَتْ فذَهَبْتُ ألْعَبُ بِخاتَمِ النُّبُوَّةِ فزَبَرَنِي أبي قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعْهَا ثُمَّ قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أبْلِي وأخْلِقِي ثُمَّ أبْلِي وأخْلِقِي ثُمَّ أبْلِي وأخْلِقِي قَالَ عَبْدُ الله فبَقِيَتْ حتَّى ذكِرَ. .

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (سنه سنه) بِفَتْح النُّون وَسُكُون الْهَاء، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: سناه سناه، بِزِيَادَة الْألف وَالْهَاء فيهمَا للسكت، وَقد يحذف. وَفِي (الْمطَالع) : هُوَ بِفَتْح النُّون الْخَفِيفَة عِنْد أبي ذَر، وَشَدَّدَهَا الْبَاقُونَ، وَهِي: بِفَتْح أَوله للْجَمِيع إلاَّ الْقَابِسِيّ فَكَسرهُ، ويروى: سناه وسناه، مَعْنَاهُ بالحبشية: حَسَنَة، كَمَا فسره فِي الحَدِيث، وَهُوَ الرطانة بِغَيْر الْعَرَبِيّ.
ذكر رِجَاله وهم خَمْسَة: الأول: حبَان، بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة وبالنون: ابْن مُوسَى أَبُو مُحَمَّد السّلمِيّ الْمروزِي. الثَّانِي: عبد الله بن الْمُبَارك الْمروزِي. الثَّالِث: خَالِد بن سعيد بن عَمْرو بن سعيد بن الْعَاصِ، أَخُو إِسْحَاق بن سعيد الْقرشِي الْأمَوِي، وَلَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ إلاَّ هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد، وَقد ذكره عَنهُ مرَارًا، يرْوى عَن أَبِيه وَهُوَ الرَّابِع. الْخَامِس: أم خَالِد، اسْمهَا: أمة بِفَتْح الْهمزَة بنت خَالِد، مر فِي كتاب الْجَنَائِز فِي: بَاب التَّعَوُّذ من عَذَاب الْقَبْر، قَالَ الذَّهَبِيّ: أمة أم خَالِد بنت خَالِد بن سعيد بن الْعَاصِ الأموية، ولدت بِالْحَبَشَةِ، تزَوجهَا الزبير فَولدت لَهُ خَالِدا وعمراً، وَقَالَ بَعضهم: فِي طبقَة خَالِد بن سعيد بن عمر وخَالِد بن سعيد بن أبي مَرْيَم الْمدنِي، لَكِن لم يخرج لَهُ البُخَارِيّ، وَلَا لِابْنِ الْمُبَارك عَنهُ رِوَايَة، وَزعم الْكرْمَانِي أَن شيخ ابْن الْمُبَارك هُنَا هُوَ خَالِد بن الزبير بن الْعَوام، وَلَا أَدْرِي من أَيْن لَهُ ذَلِك؟ قلت: عبارَة الْكرْمَانِي هَكَذَا، وَاعْلَم أَن لفظ: خَالِد، مَذْكُور هُنَا ثَلَاث مَرَّات، وَالثَّانِي غير الأول، وَهُوَ خَالِد بن الزبير بن الْعَوام، وَالثَّالِث غَيرهمَا، وَهُوَ خَالِد بن سعيد بن الْعَاصِ. انْتهى. قلت: لم يقل الْكرْمَانِي: إِن شيخ ابْن الْمُبَارك هُنَا هُوَ خَالِد ابْن الزبير بن الْعَوام، بل قَالَ الثَّانِي غير الأول، وَأَرَادَ بِهِ خَالِدا فِي قَوْله: أم خَالِد، وَلَا شكّ أَن خَالِدا هَذَا هُوَ ابْن الزبير بن الْعَوام، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، على مَا قَالَه الذَّهَبِيّ.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي اللبَاس عَن أبي نعيم وَعَن أبي الْوَلِيد، وَفِي هِجْرَة الْحَبَشَة عَن الْحميدِي وَفِي الْأَدَب عَن حبَان عَن عبد الله أَيْضا. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي اللبَاس عَن إِسْحَاق بن الْجراح الأذني.
قَوْله: (بِخَاتم النُّبُوَّة) وَهُوَ مَا كَانَ مثل زر الحجلة بَين كَتِفي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَوْله: (فزبرني) بالزاي وبالباء الْمُوَحدَة وَالرَّاء: من الزبر، وَهُوَ النَّهْي عَن الْإِقْدَام على مَا لَا يَنْبَغِي. قَوْله: (دعها) ، أَي: اتركها. قَوْله: (أبلي) من أبليت الثَّوْب إِذا جعلته عتيقاً، وَيُقَال: الْبلَاء للخير وَالشَّر، لِأَن أَصله الاختبار، وَأكْثر مَا يسْتَعْمل فِي الْخَيْر مُقَيّدا. قَوْله: (واخلقي) ، من بَاب الْأَفْعَال بِمَعْنى: أبلى، وَيجوز أَن يكون كِلَاهُمَا من الثلاثي إِذا خلق بِالضَّمِّ، وأخلق بِمَعْنى، وَكَذَلِكَ: بلَى وأبلى، وَلَيْسَ ذَلِك من عطف الشَّيْء على نَفسه، لِأَن فِي الْمَعْطُوف تَأْكِيدًا وتقوية لَيْسَ فِي الْمَعْطُوف عَلَيْهِ، كَقَوْلِه تَعَالَى {كلا سيعلمون ثمَّ كلا سيعلمون} (النبأ: 4 و 5) . وَفِي رِوَايَة أبي ذَر: أخلفي، بِالْفَاءِ، وَالْمَشْهُور: بِالْقَافِ، من إخلاق الثَّوْب، وَقَالَ صَاحب (الْعين) : معنى: أبل وأخلق، أَي: عش فخرق ثِيَابك وارقعها. قَوْله: (قَالَ عبد الله) هُوَ ابْن الْمُبَارك، وَقَالَ الْكرْمَانِي: وَفِي بَعْضهَا أَبُو عبد الله أَي: البُخَارِيّ قَوْله: (فَبَقيت) ، أَي: أم خَالِد. قَوْله: (حَتَّى ذكر) ، على صِيغَة الْمَجْهُول، وَالضَّمِير فِيهِ يرجع إِلَى الْقَمِيص، ويروى: على صِيغَة بِنَاء الْفَاعِل وَالضَّمِير للقميص أَيْضا، أَي: حَتَّى ذكر دهراً وَقَالَ الْكرْمَانِي: أَو يكون الضَّمِير للراوي وَنَحْوه، أَي: حَتَّى ذكر الرَّاوِي مَا نسي طول مدَّته، ويروى: حَتَّى ذكرت، بِلَفْظ بِنَاء الْمَعْلُوم أَي: بقيت حَتَّى ذكرت دهراً طَويلا. قَالَ الْكرْمَانِي: وَفِي بَعْضهَا بِلَفْظ الْمَجْهُول أَي: حَتَّى صَارَت مَذْكُورَة عِنْد النَّاس لخروجها عَن الْعَادة، وَرِوَايَة أبي الْهَيْثَم: حَتَّى دكن، بدال مُهْملَة وَنون فِي آخِره من: الدكنة، وَهِي غبرة من طول مَا لبس فاسودَّ لَونه، وَرجحه أَبُو ذَر

الصفحة 5