كتاب عمدة القاري شرح صحيح البخاري (اسم الجزء: 15)
تحقق ظَنّه فَقتل مَظْلُوما قَوْله " لديني " اللَّام فِيهِ مَفْتُوحَة للتَّأْكِيد وَهُوَ خبر أَن وَمَعْنَاهُ لَيْسَ عَليّ تبعة سوى ديني قَوْله " أفترى " على صِيغَة الْمَجْهُول بِهَمْزَة الِاسْتِفْهَام أَي أفتظن قَوْله " يبْقى " بِضَم الْيَاء من الْإِبْقَاء وَقَوله ديننَا بِالرَّفْع فَاعله وشيئا بِالنّصب مَفْعُوله قَوْله " وَأوصى بِالثُّلثِ " أَي بِثلث مَاله مُطلقًا لمن شَاءَ وَلما شَاءَ قَوْله " وَثلثه لِبَنِيهِ " أَي وبثلث الثُّلُث لبني عبد الله خَاصَّة وَقد فسره بقوله يَعْنِي بني عبد الله بن الزبير وهم حفدة الزبير قَوْله " فَإِن فضل من مالنا " فضل بعد قَضَاء الدّين شَيْء فثلثه لولدك " قَالَ الْمُهلب مَعْنَاهُ ثلث ذَلِك الْفضل الَّذِي أوصى بِهِ للْمَسَاكِين من الثُّلُث لِبَنِيهِ وَحكى الدمياطي عَن بعض الْعلمَاء أَن قَوْله فثلثه بتَشْديد اللَّام على صِيغَة الْأَمر من التَّثْلِيث يَعْنِي ثلث ذَلِك الْفضل الَّذِي أوصى بِهِ للْمَسَاكِين من الثُّلُث لِبَنِيهِ قَالَ بَعضهم هَذَا أقرب يَعْنِي من كَلَام الْمُهلب وَقَالَ الدمياطي فِيهِ نظر يَعْنِي فِيمَا حَكَاهُ عَن بعض الْعلمَاء قَوْله " قَالَ هِشَام " هُوَ ابْن عُرْوَة بن الزبير قَوْله " قد وازى " بالزاي الْمُعْجَمَة أَي سَاوَى أَي حاذاهم فِي السن وَأنكر الْجَوْهَرِي اسْتِعْمَال هَذَا بِالْوَاو فَقَالَ يُقَال آزيته أَي حازيته وَلَا يُقَال وازيته وَالَّذِي جَاءَ هُنَا حجَّة عَلَيْهِ قَوْله " خبيب " بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَة وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره بَاء أُخْرَى رُوِيَ مَرْفُوعا على أَنه بدل أَو بَيَان لقَوْله للْبَعْض فِي قَوْله وَكَانَ بعض ولد عبد الله وَرُوِيَ مجرورا بِاعْتِبَار الْوَلَد وَقَالَ بَعضهم يجوز جَرّه على أَنه بَيَان للْبَعْض (قلت) هَذَا غلط لِأَن لفظ بعض فِي موضِعين أَحدهمَا وَهُوَ الأول مَرْفُوع لِأَنَّهُ اسْم كَانَ وَالْآخر مَنْصُوب لِأَنَّهُ مفعول قَوْله وازى قَوْله " وَعباد " بِفَتْح الْعين وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة قَوْله " وَله يَوْمئِذٍ " قَالَ الْكرْمَانِي أَي لعبد الله يَوْم وَصِيَّة الزبير تِسْعَة بَنِينَ أحدهم خبيب وَعباد (قلت) لَيْسَ كَذَلِك بل معنى قَوْله وَله أَي للزبير تِسْعَة بَنِينَ وتسع بَنَات وَلم يكن لعبد الله يَوْمئِذٍ إِلَّا خبيب وَعباد وهَاشِم وثابت وَأما سَائِر وَلَده فولدوا بعد ذَلِك أما تِسْعَة بَنِينَ فهم عبد الله وَعُرْوَة وَالْمُنْذر أمّهم أَسمَاء بنت أبي بكر الصّديق رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَعَمْرو وخَالِد أمهما أم خَالِد بنت خَالِد بن سعيد وَمصْعَب وَحَمْزَة أمهما الربَاب بنت أنيف وَعبيدَة وجعفر أمهما زَيْنَب بنت بشر وَسَائِر ولد الزبير غير هَؤُلَاءِ مَاتُوا قبله وَأما التسع الْإِنَاث فهن خَدِيجَة الْكُبْرَى وَأم الْحسن وَعَائِشَة أمهن أَسمَاء بنت أبي بكر وحبيبة وَسَوْدَة وَهِنْد أمهن أم خَالِد ورملة أمهَا الربَاب وَحَفْصَة أمهَا زَيْنَب وَزَيْنَب أمهَا أم كُلْثُوم بنت عقبَة قَوْله " مِنْهَا الغابة " بالغين الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الْبَاء الْمُوَحدَة قَالَ الْكرْمَانِي اسْم مَوضِع بالحجاز (قلت) هَذَا لَيْسَ بتفسير وَاضح وتفسيرها أَرض عَظِيمَة شهيرة من عوالي الْمَدِينَة وَقَالَ ياقوت الغابة مَوضِع بَينه وَبَين الْمَدِينَة أَرْبَعَة أَمْيَال من نَاحيَة الشَّام والغابة أَيْضا قَرْيَة بِالْبَحْرَيْنِ وَقَالَ فِي كتاب الْأَمْكِنَة وَالْجِبَال للزمخشري الغابة بريد من الْمَدِينَة بطرِيق الشَّام وَقَالَ الْبكْرِيّ الغابة غابتان الْعليا والسفلى وَقَالَ الرشاطي الغابة مَوضِع عِنْد الْمَدِينَة والغابة أَيْضا فِي آخر الطَّرِيق من الْبَصْرَة إِلَى الْيَمَامَة وَفِي الْمطَالع الغابة مَال من أَمْوَال عوالي الْمَدِينَة وَفِي تَرِكَة الزبير كَانَ اشْتَرَاهَا بسبعين وَمِائَة ألف وبيعت فِي تركته بِأَلف ألف وسِتمِائَة ألف وَقد صحفه بعض النَّاس فَقَالَ الْغَايَة بِالْيَاءِ آخر الْحُرُوف وَذَلِكَ غلط فَاحش والغابة فِي اللُّغَة الشّجر الملتف والأجم من الشّجر وَشبههَا قَوْله " فَيَقُول الزبير لَا " أَي لَا يكون وَدِيعَة وَلكنه دين وَهُوَ معنى قَوْله سلف وَكَانَ غَرَضه بذلك أَنه كَانَ يخْشَى على المَال أَن يضيع فيظن بِهِ التَّقْصِير فِي حفظه فَرَأى أَن يَجعله مَضْمُونا وليكون أوثق لصَاحب المَال وَأبقى لمروءته وَقَالَ ابْن بطال وليطيب لَهُ ربح ذَلِك المَال قَوْله " وَمَا ولي إِمَارَة قطّ " بِكَسْر الْهمزَة قَوْله " وَلَا جباية خراج " أَي وَلَا ولي أَيْضا جباية خراج وَلَا شَيْئا أَي وَلَا ولي شَيْئا من الْأُمُور الَّتِي يتَعَلَّق بهَا تحصل المَال أَرَادَ أَن كَثْرَة مَاله لَيْسَ من هَذِه الْجِهَات الَّتِي يظنّ فِيهَا السوء بأصحابها وَإِنَّمَا كَانَ كَسبه من الْغَنَائِم مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثمَّ مَعَ أبي بكر ثمَّ مَعَ عمر ثمَّ مَعَ عُثْمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم فَبَارك الله لَهُ فِي مَاله لطيب أَصله وَربح أرباحا بلغت أُلُوف الألوف قَوْله " قَالَ عبد الله بن الزبير " هُوَ مُتَّصِل بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور قَوْله " فحسبت " بِفَتْح السِّين من حسبت الشَّيْء أَحْسبهُ بِالضَّمِّ حسابا وحسابة وحسبا وحسبانا بِالضَّمِّ أَي عددته وَأما حسبته بِالْكَسْرِ أَحْسبهُ بِالْفَتْح محسبة بِفَتْح السِّين ومحسبة بِكَسْر السِّين وحسبانا بِكَسْر الْحَاء أَي ظننته قَوْله " فلقي حَكِيم بن حزَام " بِالرَّفْع على أَنه فَاعل لَقِي وَعبد الله بن الزبير بِالنّصب مَفْعُوله قَوْله " يَا ابْن أخي " إِنَّمَا جعل الزبير أَخا لَهُ بِاعْتِبَار أخوة الدّين قَالَ
الصفحة 52
320