كتاب عمدة القاري شرح صحيح البخاري (اسم الجزء: 15)
وَسَهْم للْمَسَاكِين، وَسَهْم لِابْنِ السَّبِيل. وروى عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: (كَانَت الْغَنِيمَة تقسم على خَمْسَة أَخْمَاس فَأَرْبَعَة مِنْهَا بَين من قَاتل عَلَيْهَا، وَخمْس وَاحِد على أَرْبَعَة أَخْمَاس: فربع لله وَلِلرَّسُولِ، فَمَا كَانَ لله وَلِلرَّسُولِ فَهُوَ لقرابة رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَلم يَأْخُذ النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، من الْخمس شَيْئا. وروى ابْن أبي حَاتِم بِإِسْنَادِهِ عَن عبد الله ابْن بُرَيْدَة فِي قَوْله: {وَاعْلَمُوا أَنما غَنِمْتُم} (الْأَنْفَال: 14) . الْآيَة، قَالَ: الَّذِي لله فلنبيه، وَالَّذِي للرسول فلأزواجه. وروى أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ من حَدِيث عَمْرو ببن عَنْبَسَة: أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى بهم إِلَى بعير من الْمغنم، فَلَمَّا سلم أَخذ وبرة من ذَلِك الْبَعِير، ثمَّ قَالَ: وَلَا يحل لي من غنائمكم مثل هَذَا إلاَّ الْخمس، وَالْخمس مَرْدُود فِيكُم. وَقَالَ جمَاعَة: إِن الْخمس يتَصَرَّف فِيهِ الإِمَام بِالْمَصْلَحَةِ للْمُسلمين، كَمَا يتَصَرَّف فِي مَال الْفَيْء. وَقَالَت طَائِفَة: يصرف فِي مصَالح الْمُسلمين. وَقَالَت طَائِفَة: بل هُوَ مَرْدُود على بَقِيَّة الْأَصْنَاف: ذَوي الْقُرْبَى واليتامى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل، وَقَالَ ابْن جرير: وَهُوَ قَول جمَاعَة من أهل الْعرَاق، وَقيل: إِن الْخمس جَمِيعه لِذَوي الْقُرْبَى، كَمَا رَوَاهُ ابْن جرير: حَدثنَا الْحَارِث بن عبد الْعَزِيز حَدثنَا عبد الْغفار حَدثنَا الْمنْهَال بن عمر سَأَلت عبد الله بن مُحَمَّد بن عَليّ وَعلي بن الْحُسَيْن عَن الْخمس، فَقَالَا: هُوَ لنا. فَقلت لعباس: إِن الله يَقُول: {واليتامى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل} (الْأَنْفَال: 14) . فَقَالَ: يتامانا ومساكيننا. قَوْله: (لنوائب الْمُسلمين) ، النوائب جمع نائبة، وَقد فسرناها بِأَنَّهَا مَا يَنُوب الْإِنْسَان من الْحَوَادِث. قَوْله: (مَا سَأَلَ) فِي مَحل الرّفْع على الِابْتِدَاء وَخَبره، قَوْله: وَمن الدَّلِيل. قَوْله: (هوَازن) ، مَرْفُوع لِأَنَّهُ فَاعل سَأَلَ، وَهُوَ أَبُو قَبيلَة، وَهُوَ هوَازن بن مَنْصُور بن عِكْرِمَة بن قيس غيلَان. قَالَ الرشاطي: فِي هوَازن بطُون كَثِيرَة وأفخاذ، وَفِي خُزَاعَة أَيْضا هوَازن بن أسلم بن أفصى. قَوْله: (النَّبِي) ، مَنْصُوب بقوله: سَأَلَ. قَوْله: (برضاعة فيهم) ، أَي: بِسَبَب رضاعه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيهم، ويروى: برضاعة، بِلَفْظ الْمصدر والتنوين، وَذَلِكَ أَن حليمة بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة: السعدية الَّتِي أرضعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْهُم إِذْ هِيَ بنت أبي ذُؤَيْب، بِضَم الذَّال الْمُعْجَمَة: عبد الله بن الْحَارِث بن شجنة، بِكَسْر الشين الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْجِيم وَفتح النُّون: ابْن صابر بن رزام، بِكَسْر الرَّاء وَتَخْفِيف الزَّاي: ابْن ناضرة، بالنُّون وَالضَّاد الْمُعْجَمَة وَالرَّاء: ابْن سعد بن بكر بن هوَازن. قَوْله: (فتحلل من الْمُسلمين) ، أَي: اسْتحلَّ من الْغَانِمين أقسامهم من هوَازن، أَو طلب النُّزُول عَن حَقهم، وَقد مر تَحْقِيقه فِي كتاب الْعتْق فِي: بَاب من ملك من الْعَرَب رَقِيقا. قَوْله: (وَمَا كَانَ) ، عطف على قَوْله: مَا سَأَلَ. قَوْله: (من الْفَيْء والأنفال) ، الْفَيْء: مَا يحصل من الْكفَّار بِغَيْر قتال، والأنفال: جمع نفل بِالتَّحْرِيكِ وَهُوَ مَا شَرط الْأَمِير المتعاطي خطر من مَال الْمصَالح وَهُوَ الْغَنِيمَة، هَذَا فِي اصْطِلَاح الْفُقَهَاء، وَأما فِي اللُّغَة فَقَالَ الْجَوْهَرِي: الْفَيْء الْخراج وَالْغنيمَة، وَالنَّفْل الْغَنِيمَة. يُقَال: نفلته تنفيلاً أَي أَعْطيته نفلا. قَوْله: (مَا أعْطى الْأَنْصَار) عطف على قَوْله: وَمَا كَانَ. وَقَوله: (وَمَا أعْطى جَابر بن عبد الله) ، عطف على مَا قبله. قَوْله: (من تمر خَيْبَر) ، بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة من فَوق أَو بالثاء الْمُثَلَّثَة.
2313 - حدَّثنا سَعِيدُ بنُ عُفَيْرِ قَالَ حدَّثني اللَّيْثُ قَالَ حدَّثني عُقَيْلٌ عنِ ابنِ شِهَابٍ قَالَ وزَعَمَ عُرْوَةُ أنَّ مَرْوَانَ بنَ الحَكَمِ ومِسْوَر بنَ مَخْرَمَةَ أخْبَرَاهُ أنَّ رسولَ الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ حِينَ جاءَهُ وفْدُ هَوَازِنَ مُسْلِمِينَ فَسألُوهُ أنْ يَرُدَّ إلَيْهِمْ أمْوَالَهُمْ وسَبْيَهُمْ فَقَالَ لَهُمْ رسولُ لله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحَبُّ الحَدِيثِ إلَيَّ أصْدَقُهُ فاخْتَارُوا إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ إمَّا السَّبْيَ وإمَّا المالَ وقَدْ كُنْتُ اسْتَأنَيْتُ بِهِمْ وقَدْ كانَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انْتَظَرَ آخِرَهُمْ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً حِينَ قَفَلَ مِنَ الطَّائِفِ فلَمَّا تبَيَّنَ لَهُمْ أنَّ رسوُلَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غَيْرُ رَادٍ إلَيْهِمْ إلاَّ إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ قَالُوا فإنَّا نَخْتَارُ سَبْيَنا فقامَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي المُسْلِمِينَ فأثْنَى على الله بِمَا هُوَ أهْلُهُ ثُمَّ قالَ أمَّا بَعْدُ فإنَّ إخْوَانَكُمْ هَؤُلاَءِ قَدْ جاؤُنا تائِبِينَ وإنِّي قَدْ رأيْتُ أنْ أرُد إلَيْهِمْ سَبْيَهُمْ مَنْ أحَبَّ أنْ يُطَيِّبَ فَلْيَفْعَلْ ومَنْ أحَبَّ مِنْكُمْ أنْ يَكُونَ علَى حَظِّهِ حتَّى نُعْطِيَهُ
الصفحة 56
320