كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 15)
الأمم. ثم أمر ببناء قبّة على أساطين مثبتة فى الرّصاص، طولها مائة ذراع، وجعل على رأسها مرآة من زبرجد أخضر، قطرها سبعة أشبار، ترى خضرتها على أمد بعيد. قال: وفى مصاحف المصريين أنه سأل الذى كان معه أن يعرّفه مخرج النيل، فحمله حتى أجلسه على جبل القمر خلف «1» خطّ الأستواء على البحر الأسود «2» الزّفتى، وأراه النيل كيف يجرى فوق ذلك البحر «3» الأسود مثل الخيوط حتى يدخل تحت جبل القمر، ثم يخرج الى بطائح «4» هناك. ويقال: إنه عمل بيت التماثيل هناك، وعمل فيه هيكلا للشمس. ورجع الى أمسوس فقسم البلد بين بنيه، فجعل لنقارس الجانب الغربى، ولسورب الجانب الشرقى، ولأبنه الصغير وهو مصرام مدينة سمّاها برسان «5» وأسكنه فيها، وأقام فيها أساطين وشقّ لها نهرا وغرس بها غروسا. وعمل بأمسوس عجائب كثيرة، منها صورة طائر على أسطوانة عالية، يصفر كل يوم مرّتين عند طلوع الشمس وعند غروبها صفيرا مختلفا، فيستدلّون به على ما يكون من الحوادث فيتأهّبون لها؛ ومخزن للماء المقسوم على جناتهم مائة وعشرين قسما لا يقدر أحد أن يحوز ما ليس له. وعمل وسط المدينة صنمين من حجر أسود، اذا تقدّم السارق لم يقدر على الزوال عنها حتى يسلك بينهما، [فإذا دخل بينهما أطبقا عليه فيؤخذ «6» ] .
الصفحة 3
444