كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 15)

وبين مدينة خلجة، وهى التى عمل فيها الجنة، سبعة أميال الى الغرب، وبينها وبين الأخرى أربعة عشر ميلا، وبين الأخرى واحد وعشرون ميلا. وكان له من مدينته إلى هذه المدائن أسراب تحت الأرض يصل منها اليها، وكذلك من بعضها الى بعض. وعمل عجائب كثيرة أزالها الطوفان، وركبت هذه الأرض الرمال فأزالت طلّسماتها. قال: وملك نقارس مائة سنة وسبع سنين ثم هلك فعمل له ناووس، وجعل معه من الأشياء العجيبة ما يطول الأمر بذكره.
ثم ملك بعده أخوه مصرام بن نقراوس، فبنى للشمس هيكلا من المرمر الأبيض وموّهه بالذهب، وجعل وسط الهيكل كالعرش «1» من جوهر أزرق عليه صورة الشمس من ذهب أحمر وأرخى عليها كلل الحرير الملوّن، وأمر أن يوقد عليها بطيّب الأدهان، وجعل فى الهيكل قنديلا من الزجاج الصافى، وجعل فيه حجرا مدّبرأ يضىء كما يضىء السراج وأكثر منه ضوءا، وأقام له سدنة، وعمل له سبعة أعياد فى السنة. وقيل: إن مصر سمّيت به. وتسمّى به مصرايم بن بيصر بن حام بن نوح بعد الطوفان لأنه وجد اسمه مزبورا على الحجارة. وكان فليمون الكاهن أخبرهم أخبار هؤلاء الملوك. وكان مصرام هذا قد ذلّل الأسد فى وقته فكان يركبها. وصحبه الروحانىّ الذى كان مع أبيه لما رأى من حرصه على لوازم الهياكل والقيام بأمور الكواكب، وأمره أن يحتجب عن الناس. وألقى على وجهه بسحره نورا عظيما لا يقدر أحد أن يتمكّن من النظر اليه. فادّعى أنه إله، وغاب عن الناس ثلاثين سنة، واستخلف عليهم رجلا من ولد غرناب وكان كاهنا. ويقال: إنّ مصرام ركب فى عرش وحملته الشياطين حتى انتهى الى وسط البحر الأسود، فعمل فيه القلعة الفضّة وجعل عليها صنمين من النحاس وزير عليها: أنا مصرام الجبّار، كاشف الأسرار، الغالب القهار، صنعت

الصفحة 7