وله من حديث عكرمة بن سلمة بن ربيعة أن أخوين من بني المغيرة لقيا مجمع بن جارية الأنصاري (¬1) ورجالًا كثيرًا، فقالوا: نشهد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبًا في جداره" (¬2).
قال أبو عمر: قيل: إن حديث مجمع هذا مرسل، وإنما يروى عن عمر، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وربما رواه عن أبي هريرة (¬3).
إذا تقرر ذلك، فـ"خشبة" روي بالإفراد والجمع و (أكتافكم) بالتاء، وصُحِّفَ بالنون.
قال عبد الغني: كل الناس يقولونه "خشبَهُ" بالجمع إلا الطحاوي (¬4)، ويؤيده حديث مجمع، وإنما وقع الاعتناء بذلك؛ لأن أمر الواحدة أخف في محل التسامح بخلاف الكثير، فإن الضرر يحصك ولا تحصل
المسامحة.
وقوله: (مالي أراكم عنها معرضين) يعني: عن المقالة التي قالها، أنكر عليهم لما رأى من إعراضهم واستثقالهم لما سمعوه.
قال ابن عبد البر: يقول ابن عيينة في هذا الحديث: "إذا استأذن"
¬__________
(¬1) هكذا ذكره المصنف.
وفي "السنن" مجمع بن يزيد بن جارية الأنصاري، وفرَّق بينهما ابن عبد البر: فجعل الثاني -مجمع بن يزيد- ابن أخي الأول، وقال ابن منده: أراهما واحدًا. وقال أبو نعيم: أفرده بعض المتأخرين عن الأول، وهما واحد، وقال المزي في ترجمة مجمع بن يزيد: هو ابن أخي مجمع بن جارية، وقيل: هما واحد، ينسب تارة إلى أبيه، وتارة إلى جده.
انظر: "الاستيعاب" 3/ 418، "أسد الغابة" 5/ 68، "تهذيب الكمال" 27/ 250.
(¬2) ابن ماجه (2336).
(¬3) "الاستيعاب" 3/ 418.
(¬4) انظر: "المنتقى" للباجي 6/ 45، "التمهيد" 10/ 221.