كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 15)

النكاح: هو الجلد غير مدبوغ يجمع أهبًا وأهبة (¬1)، وحكى ابن التين الخلاف فقال: هو الجلد، وقيل: قبل أن يدبغ، والهاء في أهبة مزيدة للمبالغة.
وقوله: (فاعتزل من أجل ذلك الحديث حين أفشته حفصة إلى عائشة) فوقفت له على الباب، فلما خرج كلمته، فقال: فإنها عليَّ حرام، لا تخبري عائشة، فأخبرتها، فأنزل الله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ} [التحريم: 1] إلى آخر القصة (¬2). وقيل في قوله: {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا} [التحريم: 3] أن الصديق الخليفة بعده، قاله ميمون بن مهران (¬3). وقيل: إنه شرب عسلًا في بيت زينب بنت جحش وتواصت عليه عائشة وحفصة بأن تقول له كل واحدة: أجد منك ريح مغافير، فقال: "بل شربت عسلًا ولن أعود" (¬4)، ودخوله - عليه السلام - لتسع وعشرين فيه دلالة على أن من حلف على فعل شيء أنه يبر بأقل ما يقع عليه الاسم، وبه قال محمد بن عبد الحكم، وقال مالك: إن دخل بالهلال خرج به، وإن دخل بالأيام لم يبر إلا بثلاثين يومًا.
وقولها: (فأنزل التخيير) اختلف العلماء هل خيرهن في الطلاق أو بين الدنيا والآخرة؟ وهل اختيارها صريح أو كناية؟ وهل هو فرقة أم لا: وهل يشترط الفور أم لا؟ وهل هو بالمجلس أو بالعرف؟
¬__________
(¬1) "شرح ابن بطال" 7/ 315.
(¬2) رواه الواحدي في "أسباب النزول" (831).
(¬3) رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 30/ 222 - 223.
(¬4) سيأتي برقم (4912) كتاب التفسير، تفسيو سورة التحريم، ورواه مسلم (1474)، كتاب الطلاق، باب: وجوب الكفارة على من حرم امرأته، من حديث عائشة رضي الله عنها.

الصفحة 661