كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 15)

قَال: سَمِعْتُ مِنْهُ حَدِيثًا فَأَعْجَبَنِي. فَقُلْتُ لَهُ: أَنْتَ سَمِعْتَ هذَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيهِ وَسلَّمَ؟ قَال: فَأَقُولُ َعَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ مَا لَمْ أَسْمَعْ؟ قَال: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللهِ صلى اللَّهُ عَلَيهِ وسلَّمَ: "لا تَشُدُّوا الرِّحَال إلا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ:
ــ
السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم كوفيون وواحد مدني وواحد بصري أو اثنان كوفيان وواحد نسائي (قال) قزعة بن يحيى: (سمعت منه) أي من أبي سعيد (حديثًا فأعجبني) ذلك الحديث (فقلت له): أي لأبي سعيد أ (أَنْتَ سمعت هذا) الحديث (من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال) أبو سعيد: أ (فأقول) وأكذب (على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم أسمع) منه صلى الله عليه وسلم (قال) قزعة ثم (سمعته) أي سمعت أَبا سعيد الخُدرِيّ (يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم): قال الأبي: قول الصحابي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هو مسند سواء سمعته منه أو من غيره لأن الصَّحَابَة عدول فقوله: أَنْتَ سمعت تحقيق للأمر لا لغيره اهـ (لا تشدوا) -بفتح التاء وضم الشين والدال المهملة المشددة- بصيغة النهي في مسلم، وفي البُخَارِيّ لا تشد الرحال بصيغة المجهول بلفظ النفي (الرحال) -بكسر الراء المهملة- جمع رحل بفتحها وهو للبعير كالسرج للفرس، وكني بشد الرحال عن السفر لأنه لازمه ومعنى شدها ربطها على ظهر الدواب للركوب عند إرادة السفر وخرج ذكرها مخرج الغالب في ركوب المسافر وإلا فلا فرق بين ركوب الرواحل والخيل والبغال والحمير والمشي بالمعنى المذكور، ويدل عليه قوله في بعض طرقه إنما يسافر أخرجه مسلم من طريق عمران بن أبي أويس عن سلمان الأغر عن أبي هريرة، فشد الرحال كناية عن السفر ولهذا قال ابن عابدين: وما نُسب إلى الحافظ ابن تيمية الحنبلي من أنَّه يقول بالنهي عن زيارة قبره الشريف فقد قال بعض العلماء: إنه لا أصل له، وإنما يقول بالنهي عن شد الرحال إلى غير المساجد الثلاثة أما نفس الزيارة فلا يخالف فيها كزيارة سائر القبور، ومع هذا فقد رد كلامه كثير من العلماء وللإمام السبكي فيه تأليف منيف اهـ فتح الملهم. والاستثناء في قوله: (إلَّا إلى ثلاثة مساجد) مفرغ، والتقدير لا تشد الرحال إلى موضع، ولازمه منع السفر إلى كل موضع غيرها لأن المستثنى منه في المفرغ مقدر بأعم العام لكن يمكن أن يكون المراد بالعموم هنا الموضع المخصوص وهو المسجد كما سيأتي اهـ ابن حجر، فالمراد لا يسافر

الصفحة 14