كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 15)

وَالْخَلِيفَةُ فِي الأَهْلِ. اللَّهُمَّ! إِني أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ، وَكَآبَةِ الْمَنْظَرِ، وَسُوءِ الْمُنْقَلَبِ، فِي الْمَالِ وَالأَهْلِ". وَإِذَا رَجَعَ قَالهُنَّ. وَزَادَ فِيهِنَّ: "آيِبُونَ، تَائِبُونَ، عَابِدُونَ، لِرَبِّنَا حَامِدُونَ"
ــ
أي صاحبنا في سفرنا بحفظك ورعايتك (و) أنت (الخليفة) الذي يخلفنا (في الأهل) أي في أهلينا بإصلاح أحوالهم بعد مغيبنا وانقطاع نظرنا عنهم أي أنت المعتمد عليه برعايتهم اهـ من المبارق، قال القرطبي: الصاحب الذي يصحبك بحفظك، والخليفة الذي يخلفك في أهلك بصلاح أحوالهم بعد انقطاع نظرك عنهم، ولا يسمى الله تعالى بالصاحب ولا بالخليفة لعدم الإذن وعدم تكرارهما في الشريعة، قلت: يريد وإنما يقال في مثل هذا كذا في شرح الأبي: (اللهم اني أعوذ) أي أستجير (بك من وعثاء السفر) -بفتح الواو وإسكان العين المهملة وبالثاء المثلثة- وبالمد أي من مشقته وشدته وتعبه، وأصله من الوعث وهو الوحل والطريق الشاق المسلك كما في المصباح (و) أعوذ بك من كآبة المنظر) أي حزن المرأى وما يسوء منه، والكآبة -بفتح الكاف وبالمد- وهي تغير النفس من حزن ونحوه؛ أي أعوذ بك من نظر في الأهل والمال يعقب حزنا بتلف بعضهم (و) من (سوء المنقلب) أي الانقلاب أي ما يسوء منه وهو بفتح اللام مصدر ميمي بمعنى الانقلاب أي من المرجع السيئ (في المال والأهل) بان يصيبهم خسران أو مرض اهـ من المبارق.
(وإذا رجع) رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفره (قالهن) أي قال هذه الأدعية (وزاد فيهن) أي عليهن قوله نحن (آيبون) أي راجعون من سفرنا بالسلامة، قال ملا علي: والظاهر أن التقدير نحن آيبون الخ على وجه الإخبار تحدثًا بنعمة الله وقصدًا للثبات على طاعة الله، وهو جمع آيب اسم فاعل من آب يؤوب أوبًا ومآبًا إذا رجع، وأصل الأوبة الرجوع عما هو مذموم إلى ما هو محمود (تائبون) من ذنوبنا، جمع تائب من الذنب قاله تعليما للأمة وإلا فلا ذنب له، وقيل: المراد بذنب الأنبياء ما هو خلاف الأولى (عابدون لربنا) أي خاضعون متذللون له (حامدون) أي مثنون عليه بصفات كماله وجلاله وشاكرون عوارف أفضَاله. وشارك المؤلف في روايته أحمد [٢/ ١٤٤]، وأبو داود [٢٥٩٩]، والترمذي [٣٤٤٧]، والنسائي في اليوم والليلة [٥٤٨].
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث ابن عمر بحديث عبد الله بن سرجس رضي الله عنهم فقال:

الصفحة 29