كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 15)

وَاتَّبَعْتُهُ. فَجَعَلَ يَتَتَبَّعُ حُجَرَ نِسَائِهِ يُسَلِّمُ عَلَيهِنَّ. وَيَقُلْنَ: يَا رَسُولَ اللهِ! كَيفَ وَجَدْتَ أَهْلَكَ؟ قَال: فَمَا أَدْرِي أَنَا أَخْبَرْتُهُ أَنَّ الْقَوْمَ قَدْ خَرَجُوا أَوْ أَخْبَرَنِي. قَال: فَانْطَلَقَ حَتَّى دَخَلَ الْبَيتَ. فَذَهَبْتُ أَدْخُلُ مَعَهُ فَأَلْقَى السِّتْرَ بَينِي وَبَينَهُ. وَنَزَلَ الْحِجَابُ. قَال: وَوُعِظَ الْقَوْمُ بِمَا وُعِظُوا بِهِ
ــ
البيت ليخرجوا (واتبعته) صلى الله عليه وسلم في الخروج أي لحقته ومشيت معه (فجعل) صلى الله عليه وسلم أي شرع (يتتبع حجر نسائه) أي يتجول وبتطوف على بيوت أزواجه رضي الله تعالى عنهن، حالة كونه (يسلّم عليهن ويقلن) له (يا رسول الله كيف وجدت أهلك) سبق شرحه في الباب قبله، وفي رواية حميد: ثم خرج إلى أمهات المؤمنين كما كان يصنع صبيحة بنائه فيسلّم عليهن ويُسلّمن عليه ويدعو لهن ويدعون له، وفي رواية عبد العزيز إنهن قلن له كيف وجدت أهلك بارك الله لك (قال) أنس: (فما أدري) الآن ولا أعلم (أنا) بنفسي (أخبرته) صلى الله عليه وسلم (أن القوم) أي أن الرجال الباقين في البيت (قد خرجوا أو أخبرني) هو صلى الله عليه وسلم بأنهم خرجوا يعني أو أخبر هو صلى الله عليه وسلم إياي بإخبار الله سبحانه وتعالى إياه، وفي رواية عبد العزيز (فما أدري أخبرته أو أُخبر) بالبناء للمجهول أي أُخبر بالوحي هكذا وقع في هذه الروايات بالشك، وسيأتي في الروايات الآتية في الباب الجزم بأنه الَّذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بخروجهم قال الحافظ: وهذا الشك قريب من شك أنس في تسمية الرجل الَّذي سأل الدعاء بالاستسقاء فإن بعض أصحاب أنس جزم عنه بأنّه الرجل الأول، وبعضهم ذكر أنَّه سأله عن ذلك فقال: لا أدري كما سبق في محله وهو محمول على أنَّه كان يذكره ثم عرض له الشك فكان يشك فيه ثم تذكر فجزم اهـ (قال) أنس: (فانطلق) رسول الله صلى الله عليه وسلم أي ذهب إلى بيت زينب أي فرجع منطلقًا إلى بيته (حتَّى دخل البيت فذهبت) أي قصدت أن (أدخل معه فألقى الستر) أي أرخى الحجاب (بيني وبينه ونزل الحجاب) أي آية الحجاب بسبب ذلك الجلوس الَّذي جلسه الرجال المتحدثون بعد خروج الناس يعني أنَّه نزل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إلا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ} الآية (قال) أنس: (ووعظ القوم) المتحدثون في البيت أي ذكروا وتفطنوا (بما وُعظوا به) يعني بتردد النبي صلى الله عليه وسلم إليهم ورجوعه وهم في البيت أي انتبهوا بذلك وعرفوا كراهية النبي صلى الله عليه وسلم

الصفحة 349