كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 15)

فَجَعَلَتْهُ في تَوْرٍ. فَقَالتْ: يَا أَنَسُ، اذْهَبْ بِهذَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ. فَقُلْ: بَعَثَتْ بِهَذَا إِلَيكَ أُمِّي. وَهِيَ تُقْرِئُكَ السَّلَامَ. وَتَقُولُ: إِن هذَا لَكَ مِنَّا قَلِيلٌ، يَا رَسُولَ الله!
ــ
المسلمين خبزًا ولحمًا، وذكر في حديث البخاري أن أنسًا قال: فقال لي: ادع رجالًا سماهم وادع من لقيت وأنه أدخلهم ووضع صلى الله عليه وسلم يده على تلك الحيسة، وتكلم بما شاء الله، ثم جعل يدعو عشرة عشرة حتَّى تصدعوا كلهم عنها يعني تفرقوا، قال عياض: هذا وهم من راويه وتركيب قصة على أخرى. وتعقبه القرطبي بأنه لا مانع من الجمع بين الروايتين والأولى أن يقال لا وهم في ذلك فلعل الدِّين دُعوا إلى الخبز واللحم فأكلوا حتَّى شبعوا وذهبوا لم يرجعوا، ولما بقي النفر الدِّين كانوا يتحدثون جاء أنس بالحيسة فأُمر بأن يدعو ناسًا آخرين ومن لقي فدخلوا فأكلوا أيضًا حتَّى شبعوا واستمر أولئك النفر يتحدثون وهم جمع لا بأس به، وأولى منه أن يقال: إن حضور الحيسة صادف حضور الخبز واللحم فأكلوا كلهم من ذلك، وعجبت من إنكار عياض وقوم تكثير الطعام في قصة الخبز واللحم مع أن أنسًا يقول: إنه أولم عليها بشاة، ويقول: إنه أشبع المسلمين خبزًا ولحمًا، وما الَّذي يكون قدر الشاة حتَّى يشبع المسلمين جميعًا وهم يومئذٍ نحو الألف لولا البركة التي حصلت من جملة آياته صلى الله عليه وسلم في تكثير الطعام اهـ فتح الملهم (فجعلته) أي فجعلت الحيس (في تور) بتاء مثناة فوق مفتوحة ثم واو ساكنة إناء مثل القدح، قال في النهاية: هو إناء من صفر أو حجارة كالإجانة وقد يتوضأ منه اهـ (فقالت) لي أمي: (يا أنس اذهب بهذا) الحيس (إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقل) له (بعثت بهذا) الحيس (إليك أمي) أم سليم (وهي) أي والحال أنها (تقرئك السلام) أي تقرأ عليك السلام، كذا تقرئك بضم التاء من أقرأ الرباعي متعد إلى اثنين بنفسه وأما من الثلاثة فيقال وهي تقرأ عليك السلام لأنه بمعنى تتلو عليك كما في المصباح، وقال ابن حجر في مقدمة فتح الباري؛ يقال: أقرئ فلانًا السلام، واقرأ - عليه السلام - كأنه حين يبلغه سلامه يحمله على أن يقرأ السلام ويرده اهـ.
(وتقول إن هذا) الحيس هدية (لك منا) ولكنه (قليل) بالنسبة إلى قدرك (يا رسول الله) قال النووي: فيه أنَّه يستحب لأصدقاء المتزوج أن يبعثوا إليه بطعام يساعدونه به على وليمته، وقد سبق هذا في الباب قبله وسبق هناك بيان الحيس، وفيه الاعتذار إلى

الصفحة 357