كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 15)

"يَا أَنَسُ! ارْفَعْ" قَال: فَرَفَعْتُ. فَمَا أَدْرِي حِينَ وَضَعْتُ كَانَ أَكْثَرَ أَمْ حِينَ رَفَعْتُ. قَال: وَجَلَسَ طَوَائِفُ مِنْهُمْ يَتَحدَّثُونَ في بَيتِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ. وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ، وَزَوْجَتُهُ مُوَلِّيَةٌ وَجْهَهَا إِلَى الْحَائِطِ. فَثَقُلُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ. فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمَ عَلَى نِسَائِهِ. ثُمَّ رَجَعَ. فَلَمَّا رَأَوْا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَدْ رَجَعَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ ثَقُلُوا عَلَيهِ. قَال: فَابْتَدَرُوا الْبَابَ
ــ
صلى الله عليه وسلم بعدما فرغوا من الأكل (يا أنس ارفع) القصعة (قال) أنس: (فرفعت) القصعة (فما أدري) ولا أعلم هل (حين وضعت) القصعة بينهم (كان) الطعام فيها (أكثر أم حين رفعت؟ ) من بينهم كان أكثر (قال) أنس: (وجلس طوائف منهم) في البيت بعد أكلهم، حال كونهم (يتحدثون في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس) معهم (وزوجته) زينب رضي الله تعالى عنها هكذا في جميع النسخ وزوجته بالتاء وهي لغة قليلة تكررت في الحديث والشعر، والمشهور حذفها إلَّا في الفرائض أي وزوجته جالسة في ناحية البيت (مولية) بضم الميم وكسر اللام المشددة وفتح الياء المخففة على صيغة اسم فاعل المؤنث أي موجهة (وجهها إلى الحائط) مستدبرة لهم لأن آية الحجاب لم تنزل بعد (فثقلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم) بضم القاف من باب شرف، أي فكان جلوس أولئك المتحدثين ثقيلًا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي تفسير ابن كثير: فأطالوا الحديث فشقوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم (فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم) ليخرجوا (فـ) دار على حجراته و (سلم على نسائه) أي أزواجه (ثم رجع) إلى بيت زينب (فلما رأوا) أولئك المتحدثون (رسول الله صلى الله عليه وسلم) والحال أنَّه (قد رجع) إليهم وهم جالسون (ظنوا) أي أيقنوا كما في قوله تعالى: {وَظَنَّ أَنَّهُ الفِرَاقُ (٢٨)} وجُل ظن في القرآن فهو بمعنى أيقن لا كله، انظر مفردات الراغب وكليات أبي البقاء أي أيقنوا (أنهم هد ثقلوا) بضم القاف المخففة أي أيقنوا أنهم كانوا ثقلاء (عليه، قال) أنس: (فابتدروا الباب) أي سارعوا إليه للخروج أي خرجوا مسرعين، قال الحافظ: ومحصّل القصة أن الذين حضروا الوليمة جلسوا يتحدثون واستحيى النبي صلى الله عليه وسلم أن يأمرهم بالخروج فتهيأ للقيام ليفطنوا لمراده فيقوموا بقيامه فلما ألهاهم الحديث عن ذلك قام

الصفحة 360