كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 15)

٣١٦٣ - (١٢٦١) (١١) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَال: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أَنَاخَ بِالْبَطْحَاءِ الَّتِي بِذِي الْحُلَيفَةِ. فَصَلَّى بِهَا. وَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ يَفْعَلُ ذلِكَ
ــ
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الأخير من الترجمة بحديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما فقال:
٣١٦٣ - (١٢٦١) (١١) (حدثنا يحيى بن يحيى) التميمي النيسابوري (قال: قرأت على مالك) بن أنس الأصبحي المدني (عن نافع عن عبد الله بن عمر) رضي الله عنهما. وهذا السند من رباعياته (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أناخ) -بالنون والخاء المعجمة- أي أبرك بعيره ونزل (بالبطحاء) أي بالحصباء (التي بذي الحليفة) وهي المسماة بمعرَّس ذي الحليفة بصيغة اسم المفعول، عرس به النبي صلى الله عليه وسلم أي نزل فيه واستراح في آخر الليل (فصلى بها) أي في تلك البطحاء الصبح ثم ارتحل ودخل المدينة، قيل: يحتمل أن تكون الصلاة للإحرام ويحتمل أن تكون للفريضة يعني الصبح، ثم إن هذا النزول يحتمل أن يكون في الذهاب وهو الظاهر من تصرف البخاري، ويحتمل أن يكون في الرجوع ويؤيده حديث ابن عمر الذي يأتي في الباب من طريق موسى بن عقبة ويمكن الجمع بأنه كان يفعل الأمرين ذهابًا وإيابًا والله أعلم. قال النووي: والنزول بالبطحاء بذي الحليفة في رجوع الحاج ليس من مناسك الحج وإنما فعله من فعله من أهل المدينة تبركًا بآثار النبي صلى الله عليه وسلم ولأنها بطحاء مباركة، قال: واستحب مالك النزول والصلاة فيه وأن لا يجاوز حتى يصلي فيه وإن كان في غير وقت صلاة مكث حتى يدخل وقت الصلاة فيصلي، قال: وقيل إنما نزل به النبي صلى الله عليه وسلم في رجوعه حتى يصبح لئلا يفجأ الناس أهاليهم ليلًا كما نهى عنه صريحًا في الأحاديث المشهورة والله أعلم اهـ، ومعنى ذلك أن الرجل إذا فجأ أهله ليلًا من سفره ربما وجدها على حالة يستقذرها من الشعث والتفل ورثاثة الهيئة فيكون ذلك سببًا لفقد الألفة وعدم الصحبة، وهذا منه صلى الله عليه وسلم إرشاد إلى أمر مصلحي ينبغي للأزواج أن يراعوه، قال نافع: (وكان عبد الله بن عمر يفعل ذلك) المذكور من النزول بالبطحاء والصلاة فيها ثم دخول المدينة. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [٢/ ٢٨]، والبخاري [١٥٧٦]، ومالك في الموطإ [١/ ٤٠٥]، وأبو داود [٢٠٤٤]، والنسائي [٥/ ١٢٦ - ١٢٧].

الصفحة 37