كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 15)

٣٤٠١ - (١٣٥٨) (١٠٨) حدَّثنا يَحْيَى بن يَحْيَى. قَال: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: بِئْسَ الطَّعَامُ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ يُدْعَى إِلَيهِ الأَغْنِيَاءُ ويتْرَكُ الْمَسَاكِينُ. فَمَنْ لَمْ يَأتِ الدَّعْوَةَ، فَقَدَّ عَصَى اللهَ وَرَسُولَهُ
ــ
ثم استدل المؤلف على الجزء الأخير من الترجمة بحديث آخر لأبي هريرة رضي الله عنه فقال:
٣٤٠١ - (١٣٥٨) (١٠٨) (حَدَّثَنَا يحيى بن يحيى قال: قرأت على مالك عن ابن شهاب عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز المدني (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته رجال كلهم مدنيون إلَّا يحيى بن يحيى (أنَّه) أي أن أبا هريرة (كان يقول بئس) أي قبح وخبث (الطعام طعام الوليمة يُدعى إليه الأغنياء ويُترك المساكين) أي بئس طعام الوليمة التي من شأنها هذا حتَّى لا تكون الدعوة الموجبة للإجابة سببًا لأكل المدعو الطعام المذموم، فاللفظ وإن أطلق فالمراد به التقييد بما ذكر عقبه وكيف يريد به الإطلاق وقد أمر باتخاذ الوليمة وإجابة الداعي إليها ورتب العصيان على تركها كما في شرح القاضي، قال النووي: ومعنى هذا الحديث الإخبار بما يقع من الناس بعده صلى الله عليه وسلم من مراعاة الأغنياء في الولائم وتخصيصهم بالدعوة وإيثارهم بطيب الطعام ورفع مجالسهم وتقديمهم وغير ذلك مما هو الغالب في الولائم اهـ. قوله: (فمن لم يأت الدعوة) ولفظ ابن ماجة (ومن لم يجب) قال السندي: فيه إشارة إلى أن إجابة الدعوة للوليمة واجبة مان كانت هي شر الطعام من تلك الجهة. قوله (فقد عصى الله ورسوله) وإنما عصى الله لأن من خالف أمر رسول الله فقد خالف أمر الله تعالى اهـ ملا علي. قال النووي: ذكر مسلم هذا الحديث موقوفًا على أبي هريرة ومرفوعًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد سبق أن الحديث إذا رُوي موقوفًا ومرفوعًا حُكم برفعه على المذهب الصحيح لأنه زيادة ثقة اهـ. وقوله: (يُدعى إليه الأغنياء) والجملة في موضع الحال من طعام الوليمة أو إنها تكون شر الطعام إذا كانت بهذه الصفة، ولهذا قال ابن مسعود: إذا خص الغني وترك الفقير أُمرنا أن لا نجيب، قال ابن بطال: وإذا ميز الداعي بين الأغنياء والفقراء وأطعم كلًّا على حدة لم يكن فيه بأس وهذا فعله ابن عمر، قال البيضاوي: قوله شر الطعام طعام الوليمة من فيه مقدرة كما يقال شر الناس من أكل وحده أي من شرهم،

الصفحة 374