كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 15)

٣٤٠٣ - (٠٠) (٠٠) وحدَّثني مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيُّ، عَن سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ. وَعَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ. قَال: شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ. نَحْوَ حَدِيثِ مَالِكٍ
ــ
إنما هي ترك الأولى وذلك أن الفقير هو المحتاج للطعام الَّذي إذا دُعي سارع وبادر ومع ذلك فهو لا يدعى فكان العكس أولى وهو أن يُدعى الفقير وُبترك الغني ولا يفهم من هذا القول أعني الحديث تحريم ذلك الفعل لأنه لا يقول أحد بتحريم إجابة الدعاء للوليمة فيما علمته وإنما هذا مثل قوله صلى الله عليه وسلم: "شر صفوف الرجال آخرها وخيرها أولها، وشر صفوف النساء أولها وخيرها آخرها" رواه مسلم وأبو داود والنسائي، فإنه لم يقل أحد إن صلاة الرجل في آخر الصفوف حرام ولا صلاة النساء في أول صف حرام وإنما ذلك من باب ترك الأولى كما قد يقال عليه مكروه وإن لم يكن مطلوب الترك على ما يُعرف في الأصول فإذًا الشر المذكور هنا قلة الثواب والأجر، والخير كثرة الثواب والأجر ولذلك كره العلماء اختصاص الأغنياء بالدعوة، ثم اختلفوا فيمن فعل ذلك هل تجاب دعوته أم لا؟ فقال ابن مسعود: لا تُجاب، ونحوه يحيى بن حبيب من أصحابنا، قال ابن مسعود: (نُهينا أن نجيب ثلاثًا من دعا الأغنياء وترك الفقراء، ومن يتخذ طعامه رياء وسمعة، ومن يتخذ بيته كما تُتخذ الكعبة) وظاهر كلام أبي هريرة وجوب الإجابة، ودعا ابن عمر في وليمته الأغنياء والفقراء فاجلس الفقراء على حدة وقال: ها هنا لا تُفسدوا عليهم ثيابهم فإنا سنطعمكم مما يأكلون، ومقصود هذا الحديث الحض على دعوة الفقراء والضعفاء ولا تقصر الدعوة على الأغنياء كما يفعل من لا مبالاة عنده بالفقراء من أهل الدنيا والله تعالى أعلم اهـ.
ثم ذكر رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديثه فقال:
٣٤٠٣ - (٠٠) (٠٠) (وحدثني محمد بن رافع) القشيري، ثقة، من (١١) (وعبد بن حميد) الكسي، ثقة، من (١١) (عن عبد الرزاق) بن همام الصنعاني، من (٩) (أخبرنا معمر) بن راشد البصري (عن الزهري، عن سعيد بن المسيب) المخزومي المدني، ثقة، من (٢) (وعن الأعرج عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة معمر لمالك بن أنس (قال) أبو هريرة: (شر الطعام طعام الوليمة) وساق معمر (نحو حديث مالك) بن أنس.

الصفحة 376