كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 15)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والرفث الجماع أو الفحش في القول أو خطاب الرجل المرأة فيما يتعلق بالجماع، وقال الأزهري: الرفث كلمة جامعة لكل ما يريده الرجل من المرأة (قوله: ولم يفسق) بضم السين من باب نصر أي لم يات بمعصية ولا سيئة اهـ قسط، وقال ملا علي: أي لم يفعل فيه كبيرة، ولا أصر على صغيرة، ومن الكبائر ترك التوبة عن المعاصي، قال تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} اهـ وفسر ابن الملك الفسق بالخروج عن حد الاستقامة اهـ وقال سعيد بن جبير في قوله تعالى: {فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَال فِي الْحَجِّ} الرفث إتيان النساء، والفسوق السباب، والجدال المراء مع الرفقاء والمكارين، ولم يذكر في الحديث الجدال في الحج اعتمادًا على الآية، ويحتمل أن يكون ترك الجدال قصدًا لأن وجوده لا يؤثر في ترك مغفرة ذنوب الحاج إذا كان المراد به المجادلة في أحكام الحج لما يظهر من الأدلة أو المجادلة بطريق التعميم فلا تؤثر أيضًا لأن الفاحش منها دخل في عموم الرفث والحسن منها ظاهر في عدم التأثير والمستوي الطرفين لا يؤثر أيضًا قاله في فتح الباري، والفاء في قوله: فلم يرفث عاطفة على الشرط، وجوابه قوله: (رجع كيوم ولدته أمه) بجر يوم على الإعراب وبفتحه على البناء وهو المختار في مثله لأن صدر الجملة المضاف إليها مبني أي رجع مشابهًا لنفسه يوم ولادته في أنه يخرج بلا ذنب كما خرج بالولادة نقيًا وهو يشمل الصغائر والكبائر والتبعات، قال الطبري: إنه محمول بالنسبة إلى المظالم على من تاب وعجز عن وفائها، وقال الترمذي: هو مخصوص بالمعاصي المتعلقة بحقوق الله خاصة دون العباد ولا تسقط الحقوق أنفسها فمن كان عليه صلاة أو كفارة ونحوها من حقوق الله تعالى لا تسقط عنه لأنها حقوق لا ذنوب إنما الذنوب تأخيرها فنفس التأخير يسقط بالحج لا هي أنفسها فلو أخرها بعده تجدد إثم آخر فالحج المبرور يُسقط إثم المخالفة لا الحقوق اهـ إرشاد الساري.
(فائدة): قال القرطبي: المجادلة في الآية المخاصمة فيما لا يليق اهـ وقيل: هي المماراة مع الرفقاء والخدم. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [٢/ ٤٨٤]، والبخاري [١٨٢٠]، والترمذي [٨١١]، والنسائي [٥/ ١١٤]، وابن ماجه [٢٨٨٩].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة هذا رضي الله عنه فقال:

الصفحة 50