كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 15)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لدخول الإذخر في عموم ما يختلى، واختلفوا: هل كان قوله صلى الله عليه وسلم: إلا الإذخر باجتهاد أو بوحي؟ . وقيل: كان الله سبحانه فوّض له الحكم في هذه المسألة مطلقًا، وقيل: أُوحي إليه قبل ذلك أنه إن طلب أحد استثناء شيء من ذلك فأجب سؤاله، قال ابن المنير: والحق أن سؤال العباس كان على معنى الضراعة وترخيص النبي صلى الله عليه وسلم كان تبليغًا عن الله تعالى إما بطريق الإلهام أو بطريق الوحي، ومن ادعى أن نزول الوحي يحتاج إلى أمد متسع فقد وهم، قال الحافظ: وفي الحديث جواز مراجعة العالم في المصالح الشرعية والمبادرة إلى ذلك في المجامع والمشاهد، وعظيم منزلة العباس عند النبي صلى الله عليه وسلم وعنايته بأمر مكة لكونه كان بها أصله ومنشؤه اهـ. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [١/ ٢٢٦]، والبخاري [١٨٣٤]، وأبو داود [٢٤٨٠]، والترمذي [١٥٩٠]، والنسائي [٧/ ١٤٦].
قوله: (ولا يختلى خلاها) بصيغة المجهول مقصورًا أي لا يقطع نباتها وحشيشها، قال بعض العلماء: الخلا مقصورًا الرطب من النبات كما أن الحشيش هو اليابس منها، ولا فرق بين الرطب واليابس في حرمة القطع وعليه الأكثرون وهذا خلاف المشهور من المذهب، قال الشمني: بعد قوله: وكذا إن ذبح الحلال صيد الحرم أي لزمه قيمته ويُهدي بها أو يُطعم ولا يُجزئه الصوم أو قطع حشيشه أو شجره إلا مملوكًا أي للقاطع أو منبتًا أو جافًا أي يابسًا كذا في المرقاة، قال الحافظ: وفي تخصيص التحريم بالرطب إشارة إلى جواز رعي اليابس واختلائه وهو أصح الوجهين للشافعية لأن النبت اليابس كالصيد الميت، قال ابن قدامة: لكن في استثناء الإذخر إشارة إلى تحريم اليابس من الحشيش، ويدل عليه أن في بعض طرق حديث أبي هريرة "ولا يحتش حشيشها" قال: وأجمعوا على إباحة أخذ ما استنبته الناس في الحرم من بقل وزرع ومشموم فلا بأس برعيه واختلائه اهـ وقال ابن عابدين: واعلم أن النابت في الحرم إما جاف أو منكسر أو إذخر أو غيرها، والثلاثة الأول: مستثناة من الضمان وغيرها إما أن يكون أنبته الناس أو لا؛ والأول لا شيء فيه سواء كان من جنس ما ينبته الناس كالزرع أو لا كأم غيلان، والثاني: إن كان من جنس ما ينبتونه فكذلك وإلا ففيه الجزاء فما فيه الجزاء هو النابت بنفسه وليس مما يستنبت ولا منكسرا ولا جافا ولا إذخرًا كما قرره في البحر اهـ من فتح الملهم.

الصفحة 68