كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 16)

تلك الثلاث المفصولة، وعليه بنى الشافعي جوابَه في الوجه الرابع حيث قال: "وقد استحسنتم أن توتروا بثلاثٍ"، والظاهر أن ذلك قولٌ في مذهب مالك. والراجح عنده أن الوتر هو الركعة المفصولة.
قال الباجي في "شرح الموطأ": فأما المسألة الثانية في عدد الوتر، فإن مالكًا رحمه الله ذهب إلى أن الوتر ركعة واحدة، وبه قال الشافعي. وقال أبو حنيفة: الوتر ثلاث ركعات. والدليل على ما نقوله قول عائشة رضي الله عنها في الحديث: "يُوتِر منها بواحدةٍ" (¬١).
قال ابن رشد في "بداية المجتهد" (¬٢): وأما صفته ــ أي الوتر ــ فإن مالكًا رحمه الله استحبَّ أن يُوتر بثلاثٍ يُفصَل بينها بسلام. وقال أبو حنيفة: الوتر ثلاث ركعات من غير أن يُفصَل بينها بسلام. وقال الشافعي: الوتر ركعة واحدةٌ. ولكلِّ قولٍ من هذه الأقاويل سلفٌ من الصحابة والتابعين.
إلى أن قال: فمن ذهب إلى أن الوتر ركعة واحدة، فمصيرًا إلى قوله عليه الصلاة والسلام: "فإذا خشيتَ الصبحَ فأوْتِرْ بواحدة" (¬٣)، وإلى حديث عائشة أنه كان يُوتِر بواحدة (¬٤). ومن ذهب إلى أن الوتر ثلاث من غير أن يُفصَل بينها، وقصرَ حكم الوتر على الثلاث فقط ... إلخ.
---------------
(¬١) (٢/ ١٦١) ط. دار الكتب العلمية.
(¬٢) (١/ ٢٣٦ - ٢٣٨) ط. دار الكتب الإسلامية بمصر.
(¬٣) أخرجه البخاري (١١٣٧) ومسلم (٧٤٩) من حديث ابن عمر.
(¬٤) أخرجه أبو داود (١٣٣٦، ١٣٣٧) والنسائي (٢/ ٣٠، ٣/ ٦٥) وابن ماجه (١١٧٧، ١٣٥٨). وصححه ابن حبان (٢٤٢٢، ٢٤٢٣) وغيره.

الصفحة 266