كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 16)

في استقباله.
[ص ٩] إذا تقرر هذا فأقول: نهى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - المسلمين عن مثل ذلك الفعل، كما نهاهم الله عز وجل أن يقولوا لرسوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: "رَاعِنا"، كما كان اليهود يقولونها، يريدون بها معنى سوء. والله أعلم.
وجاء عن الشعبي ولم يصح كما يأتي، أنه قال: [ ... ] (¬١).
ورُدَّ بأنه لو لوحظ هذا لمنع قضاء الحاجة في الفضاء مطلقًا؛ لأن ما يحتمل معاينة المصلين من الملائكة ومسلمي الجن في حال الاستقبال يجيء مثله في غيره.
فالمعتمد ما تقدم، وهو ملاقٍ للتعليل المشهور بالإكرام، فإنّ تحرِّي تركِ ما قد يكون إهانةً إكرامٌ، وإذا ظهر أن المفسدة المنظور إليها في المنصوص هي إنما ذلك الفعل، مظنةَ أن يقصد به إهانة القبلة، تكذيبًا لآيات الله، تبين أن مجرد كشف العورة ليس كذلك؛ لأنه لا يكادُ يقصد به الإهانة، وتبين أن استدبار من يريد البول فقط القبلةَ لا محذور فيه، وإن كان بعض ألفاظ النصوص قد يشمله، وقد منعه بعض الشافعية، وتلك ظاهرية صرفة.
وظهر أيضًا صحة ما اقتضاه إطلاق النصوص من شمول النهي للتغوط نحو القبلة مع عدم الانحناء، كما إذا كان بين قاضي الحاجة وبين القبلة ساتر، وكما إذا كان في البيوت أو في المواضع المعدَّة لقضاء الحاجة.
لأن (¬٢) القبلة هي الكعبة، وإهانتها إنما تتحقق بتنجيسها وتقذيرها ونحو
---------------
(¬١) هنا بياض في الأصل. وأثر الشعبي سيأتي (ص ٣٢).
(¬٢) من هنا إلى "الباب الثاني" مكتوب في أسفل الصفحة في الركن مقلوبًا.

الصفحة 28