كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 16)

الحديث ورد بمتنينِ: أحدهما هو قوله: "لا توتروا بثلاثٍ، أوتروا بخمسٍ أو بسبعٍ، ولا تُشبِّهوا بصلاة المغرب". والثاني قوله: "لا توتروا بثلاثٍ تُشبِّهوا بصلاة المغرب، ولكن أوتروا بخمسٍ أو بسبعٍ أو بتسعٍ أو بإحدى عشرةَ أو بأكثر من ذلك". وظاهر المتن الأول أن قوله: "ولا تُشبِّهوا بصلاة المغرب" عطفُ تفسيرٍ لقوله: "لا تُوتِروا بثلاثٍ"، قيل لبيان علته، ويحتمل أن يكون نهيًا آخر. وأما المتن الثاني فإن "تُشبِّهوا" بدل من "لا تُوتِروا"، فلا يحتمل إلّا معناه.
وبيانه أن النهي عن التشبيه بصلاة المغرب هل هو فيما يتعلق بالكمّ وحده أو بالكيف وحده أو بهما معًا؟ فإن كان بالكمّ فقط امتنع أن يصلي في الليل ثنتين، ثم بعد وقتٍ يُصلِّي واحدة؛ لأن المجموع حينئذٍ ثلاث، وهي قدر المغرب. وإن كان بالكيف فقط امتنع أن يصلِّي ثلاثًا معًا وإن سبقَ قبلَها عددٌ من الشفع. وإن كان بهما معًا لم يمتنع إلا أن يُجمع بين الثلاث ويقتصر عليها.
فأقول: الحديث باللفظ الأول ظاهر في إرادة الكمّ محتملٌ للإطلاق، وباللفظ الثاني نصٌّ في إرادة الكمّ، فتعيَّن أن يكون الأول كذلك.
إذا تقرر هذا فالحديث نصٌّ في النهي عن التشبيه بالمغرب بالكمّ، ثم هذا الكمّ هل هو معتبر في الوتر بالإطلاق الأول أو بالإطلاق الثالث؟
أقول: الحديث باللفظ الأول محتملٌ للأمرين، وباللفظ الثاني متعين للإطلاق الأول كما مرَّ؛ لأن فيه: "أو بأحد عشر أو بأكثر من ذلك"، وغاية صلاة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في الليل ثلاثة عشر على نزاعٍ.

الصفحة 303