كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 16)

وهذا الحديث ممَّا يدلُّ على الفَرْق بين الجمعة والظهر، والله أعلم.
واستدلُّوا بما رواه الطبراني في «الأوسط» (¬١) بسنده إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: «مَنْ شَهِدَ منكم الجمعة فليُصَلِّ أربعًا قبلها وبعدها أربعًا».
والجواب: أنَّه حديثٌ ضعيفٌ، فيه محمد بن عبد الرحمن السهمي، كما في «شرح البخاري» (¬٢)، وقد ضعَّفه البخاري وغيره كما مرَّ، والله أعلم.
واستدلُّوا بحديث أبي داود وابن حبان (¬٣) من طريق أيوب عن نافع قال: «كان ابن عمر يُطيل الصلاة قبل الجمعة، ويصلِّي بعدها ركعتين في بيته، ويُحدِّث أنَّ الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - كان يفعلُه».
والجواب: قال الحافظ (¬٤): وتُعُقِّب بأن قوله: «كان يفعل ذلك» عائد على قوله: «ويصلِّي بعد الجمعة ركعتين في بيته».
ويدلُّ له رواية الليث عن نافع عن عبد الله: أنَّه كان إذا صلَّى الجمعة انصرف فسجد سجدتين في بيته، ثم قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يصنع ذلك»، رواه مسلم (¬٥).
وأما قوله: «كان يطيل الصلاة قبل الجمعة» فإن كان المراد بعد دخول الوقت فلا يصح أن يكون [ص ١٤] مرفوعًا؛ لأنَّه - صلى الله عليه وآله وسلم - كان يخرج إذا زالت
---------------
(¬١) (٢/ ١٧٢)، ولفظه: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلّي قبل الجمعة أربعًا وبعدها أربعًا ... ».
(¬٢) «فتح الباري» (٢/ ٤٢٦).
(¬٣) أبو داود (١١٢٨) وابن حبان (٢٤٧٦).
(¬٤) «فتح الباري» (٢/ ٤٢٦).
(¬٥) رقم (٨٨٢).

الصفحة 355