كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 16)

"ويؤمر المعتكف بالصوم"، وقد سبق ما فيه. وما في رواية عمرو بن دينار قد سبق تضعيفه.
وأمَّا قولهم: ولو لم يكن الصيام شرطًا في الاعتكاف لما وجب في نذره كالصلاة، فنقول: إن أريدَ بقوله: "وجب" أي الصيام، وبقوله: "في نذره" أي الاعتكاف، والمعنى: لو لم يكن شرطًا لما وجب حيث نذرَ الاعتكاف، فنحن لا نقول بوجوب الصوم في الاعتكاف المنذور وإن أريدَ: لو لم يكن الصوم شرطًا في الاعتكاف لما وجب الصوم حيث نذرَ مع الاعتكاف، كما لا تجب الصلاة حيث نُذِرَتْ مع الاعتكاف، فنقول: إن أريد بعدم وجوب الصلاة أنه لا يلزم مطلقًا فليس مذهبنا، أو أنه لا يلزم الجمع بينها وبين الاعتكاف كما يلزم الجمع بين الصوم والاعتكاف حيث نذرَ أن يعتكف صائمًا، فهذا مذهبنا، والإلزام ممنوع، إذ جَعْلكم له شرطًا ينافي كونَ النذر علةً لوجوبه، فلا يصدق عليه أنه وجب النذر. وقد فرق أصحابنا بين الصلاة والصيام بأن الصيام مشروع في الاعتكاف إجماعًا، وأنه مناسب له، إذ كلٌّ منهما كَفٌّ، ولا كذلك الصلاة، مع أنها أفعال مباشرة.
وأمَّا تأويل حديث "ليس على المعتكف صيام إلا أن يجعله على نفسه" فمردود، إذ لا يخفى أن المعتكف يصدق على المعتكف اعتكافًا منذورًا أو غيرَ منذور، وقوله: "إلا أن يجعله" أي: الصيامَ كما يعيِّنه السياق، فالمعنى: ليس على من نوى اعتكافًا منذورًا أو غيرَ منذورٍ أن يصوم إلا حيثُ نذر الصيام، وذلك ظاهر.
[ص ٣] وأمَّا قولكم: "جمعًا بين الأدلة"، فأين الدليل الذي يقتضي شرطيةَ الصوم، فلم تذكروا إلا قوله: "ولا اعتكاف إلا بالصيام"، وقد علمت ما فيه.

الصفحة 428