كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 16)

وقال الأزرقيّ (¬١) أيضًا: حدّثني جدّي، حدّثنا داود بن عبد الرحمن عن ابن جريج عن كثير بن كثير بن المطلّب بن أبي وَداعة السَّهميّ عن أبيه عن جدّه قال: "كانت السيولُ تدخل المسجدَ الحرام ... ربّما دفعت المقام عن (¬٢) موضعه، وربّما نَحَّتْه إلى وجه الكعبة، حتى جاء سيلٌ في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه يُقال له: سيل أمّ نَهْشل .. فاحتمل المقام من موضعه، فذهب به، حتّى وُجدَ بأسفل مكة، فأُتي به، فرُبطَ إلى أستار الكعبة في وجهها، وكُتب في ذلك إلى عمر رضي الله عنه، فأقبل عمر رضي الله عنه فَزِعًا، فدخل بعمرة في شهر رمضان، وقد غُمّي موضعُهُ وعفّاه السيل، فدعا عمر بالنّاس، فقال: أَنشُد الله عبدًا عنده علم في هذا المقام، فقال المطَّلب بن أبي وَداعة السّهمي: أنا يا أمير المؤمنين عندي ذلك، فقد كنت أخشى عليه هذا، فأخذتُ قَدْرَه من موضعه إلى الركن، ومن موضعه إلى باب الحِجْر، ومن موضعه إلى زمزم بمِقَاطٍ (¬٣)، وهو عندي في البيت، فقال له عمر: فاجلسْ عندي. وأرسِلْ إليها، فأُتي بها، فمدّها، فوجدها مستويةً إلى موضعه هذا، فسأل النّاس وشاورهم، فقالوا: نعم هذا موضعه، فلمّا استثبت ذلك عمر رضي الله عنه وحُقَّ عنده أمر به، فأعلم ببناء رَبَضِه تحت المقام ثم حوّله، فهو في مكانه هذا إلى اليوم".
جدُّ الأزرقي وداود وابن جريج وكثير بن كثير: ثقاتٌ، لكن له عدّة علل:
الأولى: حال الأزرقي كما مرّ.
---------------
(¬١) "أخبار مكة" (٢/ ٣٣).
(¬٢) في المطبوعة: "من"، والتصويب من المخطوط وكتاب الأزرقي.
(¬٣) المقاط: الحبل الصغير الشديد الفتل يكاد يقوم من شدة فتله.

الصفحة 458