كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 17)

هذا خلاف الحديث المشهور (¬١): "إذا اجتهد القاضي فأصاب فله أجرانِ، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجرٌ واحد". وكأن الجيراجي ذهب إلى الحديث الآخر: "مَن همَّ بحسنةٍ لم يَعملْها كُتِبتْ له حسنةٌ واحدة، فإن عَمِلَها كُتِبْت له عشرةُ حسنات" (¬٢). ولم يعلم أن المراد بقوله: "ولم يعملها" بأن عرضَ له مانعٌ، فكفَّ عنها مختارًا، فأما مَن عمل عملًا ظنَّه حسنةً فلا يدخل في هذا، بل الظاهر أن يُؤتَى الأجر كاملًا، إنما الأعمال بالنيات (¬٣). والحديث الأول يدلُّ على هذا، ولكن أعطى الله المصيب أجرينِ، وذلك عبارةٌ عن عشرين حسنةً، وأعطى المخطئ أجرًا كاملًا، وهو عبارة عن عشر حسناتٍ {وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: ٢٦١] (¬٤).
(الوصية)
استدلَّ الجيراجي (¬٥) بآية الوصية، وقد تقدم تفسيرها وأنها تحتمل وجهين، أحدهما لا دلالةَ فيه على المدَّعَى أصلًا، ولكننا لا نتمسك به، بل نبني كلامنا على الوجه الآخر، فنقول: إن هذه الآية منسوخة بدلالة الكتاب والسنة والإجماع.
---------------
(¬١) أخرجه البخاري (٧٣٥٢) ومسلم (١٧١٦) من حديث عمرو بن العاص وأبي هريرة وأبي سلمة.
(¬٢) أخرجه البخاري (٦٤٩١) ومسلم (١٣٠) من حديث ابن عباس.
(¬٣) أخرجه البخاري (١) ومسلم (١٩٠٧) من حديث عمر بن الخطاب.
(¬٤) بعدها في المجموعة ١٤ صفحة لا علاقة لها بالمواريث، ثم يبدأ الكلام على الوصية في صفحة ٥٤.
(¬٥) انظر "الوراثة في الإسلام" (ص ٢ ــ ٧).

الصفحة 760