كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 16)

فقلتُ ــ وعلى تسليم دعواه ــ: إذًا ليس لك أن تناظرني؛ لأنّي مقلّدٌ آخُذُ قولَ إمامي، ولا يلزمني معرفة دليله. لكني أتنازل عن هذا فأقول: لا يلزم إمامي الحجةُ؛ لأنه متمسك بالأصل، وهو عدم البطلان، فالبيّنة عليك. ولكنّي أتنازل عن هذا فأقول: لا يخلو دعوى البطلان إمّا أن تكون لتغيير نظم القرآن، وإمّا للإتيان بكَلِمٍ ليست من القرآن.
أمّا الأول فيدلّ على استصحابِ الأصل فيه حديث عليٍّ عند أبي داود والترمذيّ والنسائي والحاكم (¬١) قال: «صنعَ لنا عبد الرحمن بن عوفٍ طعامًا، فدعانا وسقانا من الخمر، فأخذتِ الخمرُ منّا وحضرتِ الصلاةُ، فقدّموني، فقرأتُ: (قل يا أيها الكافرون، لا أعبد ما تعبدون، ونحن نعبد ما تعبدون). فأنزل الله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [النساء: ٤٣].
هكذا ذكره الجلال السيوطي في «أسباب النزول» (¬٢). ولفظ أبي داود بعد السند إلى علي: عن عليٍّ ــ عليه السلام ــ: «أن رجلاً من الأنصار دعاه وعبد الرحمن بن عوفٍ، فسقاهما قبل أن تُحرَّم الخمر، فأمَّهم عليٌّ في المغرب، فقرأ: (قل يا أيها الكافرون) فخلّط فيها، فنزلت: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ}.
والاستدلال بهذا مِن حيثُ إنَّه لم يرد أنّهم أُمِروا بالإعادة، والأصل عدم
---------------
(¬١) «سنن أبي داود» (٣٦٧١) والترمذي (٣٠٢٦) و «السنن الكبرى» للنسائي (١١٠٤١) و «المستدرك» (٢/ ٣٠٧).
(¬٢) «لباب النقول» (ص ٦٨، ٦٩).

الصفحة 84