كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 17)

أن يجده مملوكًا فيشتريَه فيُعتِقَه" هـ.
ومن عرف خطرَ حقِّ الوالد عرفَ خطرَ العتق، وبطريق العكس فمن استرقّ حرًّا أو شهد عليه، أو حكم بغير تثبُّتٍ أو داهنَ، ثبت له عكسُ ما يثبتُ للمعتق. ومَن تأمّل أحكام الرقيق عرف عناية الشارع، فمنها السراية، ومنها شرط العتق في البيع، وغير ذلك ممَّا نقضت فيه القواعد، وعلّله الفقهاء بتشوّف الشارع إلى العتق.
وسببُ الرقِّ أصله الكفر، فانظر كيف لم يرضَ سبحانه وتعالى استرقاقَ المسلم إلا بالتبعيّة، وإنّما يُستَرقُّ الكافر بالسَّبْي أو الأسر أو نحوه، وهذا من مُدَّةٍ طويلةٍ إنْ لم يكن مفقودًا فنادرٌ.
وأمَّا غير الكافرِ فإنَّما يُسترقُّ بتبعيّتِه له، وندورُ الأصل يستلزم ندورَ الفرع. مع أنَّ العبيدَ المتوارثين من أزمنة الفتوح لا يكادون يُوجَدون إلا مَمْنُونًا عليهم بالعتق.
ومِن العلماء مَن قال: إنَّ الإماء المجلوبةَ لا يجوز بيعها ولا شراؤها في حال الجهل، قد قيل هذا في القرنِ السادس أو السابع، وممَّن قال به القفَّالُ والردَّاد، ومَن قال بالجواز قال: والورعُ اجتنابُه.
هذا إذْ ذاك فكيف اليوم؟!
وفي "فتاوى ابن زياد" (¬١): مسألةٌ: الجواري المجلوبة الآن قد حرَّر السبكيُّ أحكامها، وحاصله: إمَّا أن يُجهَل حالُها، فالرجوعُ في ظاهر الشرع إلى السيِّد في الصغيرة، وإلى إقرارها واليد في الكبيرة. واليدُ حُجّةٌ شرعيّة
---------------
(¬١) "غاية تلخيص المراد من فتاوى ابن زياد" (ص ١٩٦، ١٩٧).

الصفحة 845