كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 16)

والدليل منه أنه تكلّم جاهلاً فلم يأمرْهُ الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - بالإعادة، مع وضوح أنّ ذلك كان بعد تحريم الكلام، كما لا يخفى من إنكارِ الصحابة ثم كلامِ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، وهذا حريٌّ أن يكون مجمعًا عليه؛ لأنّ الجاهل المعذور إذا أتى مبطلاً لا يلزمه الإعادةُ، ومنه أهل قُباء الذين كانوا يصلُّون مستقبلين بيتَ المقدس فأُخْبِروا بتحويل القبلة فداروا كما هم (¬١) فهم قد فعلوا بعضَ الصلاةِ إلى غير القبلة ولم يؤمروا بالإعادة، وأدلّة هذا كثيرةٌ، هذا في الجهل.
وأمّا السهو أو النسيانُ ففيه حديث ذي اليدين المشهور، ولفظ البخاريّ (¬٢) فيه: عن أبي هريرة قال: صلّى بنا النبيُّ - صلى الله عليه وآله وسلم - فساقه. ولمسلمٍ وأحمدَ وغيرهما (¬٣) عن أبي هريرة قال: بينما أنا أصلّي مع رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -.
وذو اليدين هذا غير ذي الشمالين الشهيد ببدرٍ، فإنّ هذا عاش بعد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، وحدَّث بهذا الحديث كما عند الطبراني (¬٤).
وإسلامُ أبي هريرة وعمران بن حصين ــ الراوي الآخر ــ متأخّر عن تحريم الكلام، وكذا إسلامُ معاوية بن حُدَيج قبل موته - صلى الله عليه وآله وسلم - بشهرين، وله حديث عند أبي داود (¬٥) بسندٍ صحيحٍ، فيها السهو وخطاب طلحة للنّبي - صلى الله عليه وآله وسلم - والبناء.
---------------
(¬١) أخرجه البخاري (٤٠، ٣٩٩) ومسلم (٥٢٥) من حديث البراء بن عازب.
(¬٢) رقم (٦٠٥١).
(¬٣) مسلم (٥٧٣) وأحمد (٩٤٤٤) والنسائي في الكبرى (٥٦٧).
(¬٤) في «المعجم الكبير» (٤٢٢٤).
(¬٥) رقم (١٠٢٣).

الصفحة 87