كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 16)
بقدر الحاجة) (¬١)، في الأخير للنصِّ، فكيف يُلحق الأول به مع أنّ فيه تقصيرًا ليس في الثاني، وهو أنَّ له حالةً تذكّره؟
قلنا: وقد يقال: وفي الثاني تقصير أيضًا، وهو عدم الضبط مع إمكانه لولا السهو، فلمّا لم يعتبر الشارع عدم العذر فلا نعتبره. وأمّا كونه ستَّ كلماتٍ أو أقلَّ أو أكثرَ فواقعةُ حالٍ لا يُقيَّد بها الحكمُ، ولا دليلَ على أنَّه يُبِطل ما فوقها، وهذا لا غبار عليه إن شاء الله تعالى.
فإن قيل: التقصير حاصلٌ لعدم الضبط.
قلنا: لا تقصيرَ في ذلك يوجب العقوبة؛ إذ قد وقع ذلك منه - صلى الله عليه وآله وسلم - وإن اختلف السبب.
وأمّا ما أشرنا إليه سابقًا أن مذهب الهدويّة (¬٢) أنّ الفتح على الإمام إنّما جاز للضرورة، وهم بَنَوا قولهم على أنّ القراءة مع قراءة الإمام مُبطِلة، ولعمري إنّه لظاهر قوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأعراف: ٢٠٤]، نزلت في القراءة خلف الإمام، وقيل: في الكلام والإمام يخطب، وأُطلِق القرآنُ على الخطبة مجازًا، وقيل: في الكلام في الصلاة؛ فعلى هذا تكون ناسخةً لجواز الكلام.
وفي حديث مسلمٍ (¬٣) وغيره: «وإذا قرأ فأنصتوا» يعني الإمامَ، وأحاديث
---------------
(¬١) هذه العبارة وجد عليها بعض الضرب.
(¬٢) كذا في الأصل، والصواب: «الهادوية» نسبة إلى الهادي.
(¬٣) رقم (٤٠٤) من حديث أبي موسى الأشعري. وأخرجه أيضًا أحمد (١٩٧٢٣) وأبو داود (٩٧٣) والنسائي (٢/ ٢٤٢) وابن ماجه (٨٤٧). قال أبو داود: قوله «فأنصتوا» ليس بمحفوظ، لم يجئ به إلا سليمان التيمي في هذا الحديث. وأعلَّه كذلك الدارقطني في «العلل» (٧/ ٢٥٤) وأبو علي النيسابوري كما في «السنن الكبرى» للبيهقي (٢/ ١٥٦). وقد رُوي أيضًا من حديث أبي هريرة، أخرجه أبو داود (٦٠٤) والنسائي (٢/ ١٤١، ١٤٢) وابن ماجه (٨٤٦)، قال أبو داود: «وهذه الزيادة «وإذا قرأ فأنصتوا» ليست بمحفوظة، الوهم من أبي خالد». وتكلم فيه أيضًا ابن معين وأبو حاتم الرازي والدارقطني والبيهقي، انظر «سنن» الدارقطني (١/ ٣٢٩) والبيهقي (٢/ ١٥٦) ولكن صححه مسلم في صحيحه (١/ ٣٠٤) دون أن يخرّجه.
الصفحة 93
1009