كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 16)

وقال سعيد بن منصور في «سننه» (¬١): حدثنا أبو معشر عن محمد بن كعب قال: «كانوا يتلقَّفون من رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، إذا قرأ قرأوا معه، حتى نزلت هذه الآية التي في الأعراف: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا}.
فهذا دليلٌ على أنّهم كانوا يقرأون غير الفاتحة.
وفي حديث أبي داود (¬٢): «فجاء رجلٌ فقرأ خلفه بسبح اسم ربّك الأعلى».
وفي حديث أبي هريرة عند مالكٍ وأحمد وأبي داود والترمذي والنسائي، ولابن ماجه نحوه (¬٣): «أنّ رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - انصرف من صلاةٍ جهرَ فيها بالقرآن، قال: «هل قرأ معي أحدٌ منكم؟ » فقال رجلٌ: نعم يا رسول الله، قال: «إني أقول مالي أُنازَع». قال: فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -».
قال بعضهم: لعلّ هذا هو الناسخ لما تقدّم، يعني حديثَ عبادة ونحوه؛ لأنّ أبا هريرة متأخر الإسلام.
قلتُ: هذا باطلٌ من وجوه:
أولاً: دعوى النسخ مع إمكان الجمع، بل الجمع هو الظاهر، فالقصة واحدةٌ، وإنّما زاد عبادة: «إلا بأمّ القرآن»، وهي زيادة ثقةٍ مخصِّصةٌ لعموم
---------------
(¬١) رقم (٩٧٨ ــ تفسير).
(¬٢) رقم (٨٢٨) من حديث عمران بن حصين.
(¬٣) «الموطأ» (١/ ٨٦) و «مسند» أحمد (٧٢٧٠) و «سنن» أبي داود (٨٢٦) والترمذي (٣١٢) والنسائي (٢/ ١٤١) وابن ماجه (٨٤٨).

الصفحة 95