كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 16)

إلا بقرآنٍ، ولو بفاتحة الكتاب فما زاد». وفي روايةٍ (¬١): «أن أناديَ أنه لا صلاة إلا بقرآنٍ: فاتحة الكتاب فما زاد».
فهذا يشير إلى النسخ؛ لأنّ النداء لا يكون إلا في أمرٍ تجدّد، لأنَّ إسلام أبي هريرة متأخّر جدًّا، ويستحيل أن يكون مَضَت تلك المدّة الطويلة، والنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لم يُعلِمِ الناسَ بوجوب قراءة الفاتحة حتى يحتاج في إعلامهم حينئذٍ إلى نداءٍ إلا وهي لم تكن واجبةً، وهذا ــ إن شاء الله ــ مُتَّجهٌ.
وقد يقال: هذه الأحاديث دلّت على وجوب قدر زائدٍ على الفاتحة.
فنقول: قال الحافظ في «الفتح» (¬٢): «وتُعقِّب بأنّه ــ أي قوله: «فصاعدًا» ــ ورد لدفع توهّم قصر الحكم على الفاتحة، قال البخاريّ في «جزء القراءة» (¬٣): وهو نظير قوله: «تُقطَع اليدُ في رُبع دينارٍ فصاعدًا» (¬٤)، وفي حديثٍ لأبي هريرة موقوفًا (¬٥): «وإن لم تزِدْ على أمّ القرآن أجزأتَ»، ولابن خزيمة (¬٦) من حديث ابن عبّاس أنّ النّبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قام فصلّى ركعتين لم يقرأ فيهما إلا بأمّ الكتاب.
واعلم أنّ الأدلة تُعطِي أنّ القراءة إذا جهر الإمام حرامٌ إلا بالفاتحة،
---------------
(¬١) عند أبي داود أيضًا (٨٢٠).
(¬٢) (٢/ ٢٤٣).
(¬٣) (ص ٤٨) بتخريجه «تحفة الأنام».
(¬٤) أخرجه البخاري (٦٧٨٩) ومسلم (١٦٨٤) من حديث عائشة.
(¬٥) أخرجه البخاري (٧٧٢).
(¬٦) في «صحيحه» (٥١٣).

الصفحة 98