كتاب تعظيم قدر الصلاة لمحمد بن نصر المروزي (اسم الجزء: 2)

§مَبْحَثُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي تَفْسِيرِ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ» فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ: إِنَّمَا أَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِزَالَةَ اسْمِ الْإِيمَانِ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنَ الْإِسْلَامِ وَلَا يُزِيلُ عَنْهُ اسْمَهُ وَفَرَّقُوا بَيْنَ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ وَقَالُوا: إِذَا زَنَى فَلَيْسَ بِمُؤْمِنٍ , وَهُوَ مِسْلِمٌ , وَاحْتَجُّوا لِتَفْرِيقِهِمْ بَيْنَ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ بِقَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات: 14] فَقَالُوا الْإِيمَانُ خَاصٌ يَثْبُتُ الِاسْمُ بِهِ بِالْعَمَلِ بِالتَّوْحِيدِ , وَالْإِسْلَامُ عَامٌّ يَثْبُتُ الِاسْمُ بِهِ بِالتَّوْحِيدِ وَالْخُرُوجُ مِنْ مِلَلِ الْكُفْرِ وَاحْتجُّوا بِحَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ الَّذِي:
560 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أنا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَعْطَى رِجَالًا وَلَمْ يُعْطِ رَجُلًا مِنْهُمْ شَيْئًا فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْطَيْتَ فُلَانًا وَفُلَانًا وَلَمْ -[507]- تُعْطِ فُلَانًا وَهُوَ مُؤْمِنٌ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَوَ مُسْلِمٌ؟ حَتَّى أَعَادَهَا سَعْدٌ ثَلَاثًا وَالنَّبِيُّ يَقُولُ أَوَ مُسْلِمٌ؟ ثُمَّ قَالَ: §إِنِّي أُعْطِي رِجَالًا وَأَمْنَعُ آخَرِينَ هُمْ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُمْ مَخَافَةَ أَنْ يُكَبُّوا عَلَى وُجُوهِهِمْ فِي النَّارِ ". قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَنَرَى أَنَّ الْإِسْلَامَ الْكَلِمَةُ وَالْإِيمَانَ الْعَمَلُ

561 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا مُعْتَمِرٌ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ -[508]- عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، بِهَذِهِ الْقِصَّةِ.

562 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَمِّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ، بِهَذَا الْحَدِيثِ -[509]-. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَاحْتَجُّوا بِإِنْكَارِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَلَى مَنْ شَهِدَ لِنَفْسِهِ بِالْإِيمَانِ فَقَالَ: أَنَا مُؤْمِنٌ مِنْ غَيْرِ اسْتِثْنَاءٍ، وَكَذَلِكَ أَصْحَابُهُ مِنْ بَعْدِهِ، وَجُلُّ عُلَمَاءِ أَهْلِ الْكُوفَةِ عَلَى ذَلِكَ، وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: «يَخْرُجُ مِنْهُ الْإِيمَانُ فَإِنْ رَجَعَ رَجَعَ إِلَيْهِ» وَبِمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْأَخْبَارِ، وَبِمَا رَوَى الْحَسَنُ وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ أَنَّهُمَا كَانَا يَقُولَانِ: «مُسْلِمٌ وَيَهَابَانِ مُؤْمِنٌ» وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ أَبِي جَعْفَرٍ الَّذِي:

الصفحة 506