كتاب تعظيم قدر الصلاة لمحمد بن نصر المروزي (اسم الجزء: 2)

التَّوْبَةَ مِنَ الذُّنُوبِ فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ مَنْ أَتَى كَبِيرَةً زَالَ عَنْهُ اسْمُ الْإِيمَانِ لَزِمَهُ أَنْ يُسْقِطَ عَنْهُ هَذِهِ الْفَرَائِضَ كُلَّهَا لِأَنَّ اللَّهَ إِنَّمَا أَوْجَبَهَا عَلَى الْمُؤْمِنِينَ بِاسْمِ الْإِيمَانِ، وَقَالَ اللَّهُ: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: 221] ، {وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا} [البقرة: 221] ثُمَّ خَصَّ الْمُحْصَنَاتِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَأَحَلَّ نِكَاحَهُنَّ وَقَالَ: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوُا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ، وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ، وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ، وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [المائدة: 5] فَلَوْ أَنَّ مُسْلِمَةً سَرَقَتْ أَوْ شَرِبَتْ جَرْعَةً مِنْ خَمْرٍ لَكَانَ اسْمُ الْإِيمَانِ قَدْ زَالَ عَنْهَا فِي قَوْلِ هَؤُلَاءِ، فَوَجَبَ تَحْرِيمُ نِكَاحِهَا عَلَيْهِمْ لِأَنَّ اللَّهَ إِنَّمَا أَبَاحَ نِكَاحَ الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ، وَالْمُحْصَنَاتِ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَلَيْسَتْ هَذِهِ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَلَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ. وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء: 25] . فَيَسْأَلُونَ عَنْ مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ طَوْلًا لِنِكَاحِ الْمُحْصَنَةِ، وَخَافَ الْعَنَتَ فَأَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَمَةً مُسْلِمَةً تَصُومُ وَتُصَلِّي إِلَّا أَنَّهَا قَدْ سَرَقَتْ دِرْهَمًا أَيَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا؟ فَإِنْ أَبَاحُوا نِكَاحَهَا، وَلَيْسَتْ عِنْدَهُمْ بِمُؤْمِنَةٍ خَرَجُوا مِنْ حُكْمِ الْكِتَابِ، وَإِنْ حَرَّمُوا نِكَاحَهَا خَرَجُوا مِنْ لِسَانِ الْأُمَّةِ إِلَّا طَائِفَةً مِنَ الْخَوَارِجِ، وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ

الصفحة 539