كتاب تعظيم قدر الصلاة لمحمد بن نصر المروزي (اسم الجزء: 2)

§قَوْلُهُ: {تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ} [البقرة: 178] وَإِنَّمَا هِيَ رَحْمَةٌ رَحِمَ اللَّهُ بِهَا هَذِهِ الْأُمَّةَ، أَطْعَمَهُمُ الدِّيَةَ وَأَحَلَّهَا لَهُمْ، وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلَهُمْ، فَكَانَ فِي التَّوْرَاةِ إِنَّمَا هُوَ قِصَاصٌ أَوْ عَفْوٌ لَيْسَ بَيْنَهُمَا أَرْشٌ، وَكَانَ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ إِنَّمَا هُوَ عَفْوٌ أُمِرُوا بِهِ، وَجَعَلَ اللَّهُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ الْعَفْوَ، أَوِ الْقَوَدَ، أَوِ الدِّيَةَ إِنْ شَاءُوا، وَأَحَلَّهَا لَهُمْ وَلَمْ تَكُنْ لَأُمَّةٍ قَبْلَهُمْ "
" {§فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [المائدة: 94] يَقُولُ: مَنِ اعْتَدَى بَعْدَ أَخْذِهِ الدِّيَةَ فَقَتَلَ {فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [المائدة: 94] "
قَوْلُهُ: " {§وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 179] جَعَلَ اللَّهُ هَذَا الْقِصَاصَ حَيَاةً، وَنَكَالًا، وَعِظَةً لِأَهْلِ السَّفَهِ وَالْجَهْلِ، كَمْ مِنْ رَجُلٍ قَدْ هَمَّ بِدَاهِيَةٍ لَوْلَا مَخَافَةُ الْقِصَاصِ لَوَقَعَ بِهَا، وَلَكِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَجَزَ بِالْقِصَاصِ بَعْضَهُمْ عَنْ بَعْضٍ، وَمَا أَمَرَ اللَّهُ بِأَمْرٍ قَطُّ إِلَّا وَهُوَ أَمْرُ صَلَاحٍ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَلَا نَهَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ أَمْرٍ إِلَّا وَهُوَ أَمْرُ فَسَادٍ فِي الدُّنْيَا وَفِي الدِّينِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالَّذِي -[550]- يُصْلِحُ خَلْقَهُ "

الصفحة 549