كتاب تعظيم قدر الصلاة لمحمد بن نصر المروزي (اسم الجزء: 2)
§أَمْرٌ مَعْنَاهُ الْخَبَرُ. وَنَوْعٌ آخَرُ لَفْظُهُ لَفْظُ الْأَمْرِ، وَمَعْنَاهُ الْخَبَرُ مِنْ ذَلِكَ حَدِيثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ» قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: إِنَّمَا هُوَ مَنْ لَمْ يَسْتَحْيِ صَنَعَ مَا شَاءَ عَلَى جِهَةِ الذَّمِّ لِتَرْكِ الْحَيَاءِ، وَلَمْ يُرِدْ بِقَوْلِهِ: «فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ» أَنْ يَأْمُرَهُ بِذَلِكَ أَمْرًا، وَلَكِنَّهُ أُمِرَ بَعْضَ الْخَبَرِ، أَلَمْ تَسْمَعْ حَدِيثَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» لَيْسَ وَجْهُهُ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِذَلِكَ، إِنَّمَا مَعْنَاهُ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا تَبَوَّأَ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ، إِنَّمَا لَفْظُهُ أَمْرٌ عَلَى مَعْنَى الْخَبَرِ، وَتَأْوِيلِ الْجَزَاءِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة: 279] فَقَوْلُهُ: {فَأْذَنُوا} [البقرة: 279] هُوَ فِي اللَّفْظِ عَلَى مَخْرَجِ الْأَمْرِ، وَتَأْوِيلُهُ
الصفحة 560
1096