كتاب تعظيم قدر الصلاة لمحمد بن نصر المروزي (اسم الجزء: 2)

: فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَآذَنْتُمْ بِالْحَرْبِ أَيْ كُنْتُمْ أَهْلَ حَرْبٍ.
§أَمْرٌ مَعْنَاهُ الِاسْتِثْنَاءُ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَنَوْعٌ آخَرُ لَفْظُهُ لَفْظُ أَمْرٍ عَلَى مَعْنَى الِاسْتِثْنَاءِ وَلَيْسَ هُوَ بِأَمْرِ تَعَبُّدٍ فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: {لَنْ نُؤْثِرُكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} [طه: 72] فَلَمْ يَكُنْ أَمْرُهُمْ إِيَّاهُ بِأَنْ تَقْضِي مَا هُوَ قَاضٍ عَلَى مَعْنَى التَّكْذِيبِ، وَلَا عَلَى الْإِبَاحَةِ لِأَنْ يَفْعَلَ بِهِمْ مَا قَدْ تَوَاعَدَهُمْ وَلَكِنَّهُمْ أَعْلَمُوهُ أَنَّهُمْ قَدِ اسْتَعَدُّوا لَهُ بِالصَّبْرِ عَلَى مَا حَلَّ بِهِمْ مِنْ عَذَابِهِ، وَأَنَّهُمْ غَيْرُ تَارِكِينَ لِدِينِهِمْ جَزَعًا مِمَّا تَوَاعَدَهُمْ بِهِ فَلْيَفْعَلْ مَا هُوَ فَاعِلٌ، فَإِنَّهُمْ يَسْتَقِلُّونَ ذَلِكَ فِي جَنْبِ مَا يَتَوَقَّعُونَهُ مِنْ ثَوَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَمَا يَرْجُونَ أَنْ يَصْرِفَهُ اللَّهُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهِ ثَوَابًا عَلَى بَذْلِهِمْ أَنْفُسَهُمْ.
§وَجْهٌ آخَرُ مِنَ الْأَمْرِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَوَجْهٌ آخَرُ مِنَ الْأَمْرِ مَخْرَجُهُ مَخْرَجُ أَمْرِ التَّعَبُّدِ وَلَيْسَ بِهِ، وَذَلِكَ كَقَوْلِ نُوحٍ لِقَوْمِهِ: {إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً، ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا

الصفحة 561